للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القمري، وهو تقسيم بقي مستعملًا في الإسلام، مع أن التقويم الرسمي الإسلامي هو تقويم قمري، لأنه تقسيم طبيعي مبني على طبيعة التغير الذي يطرأ على شهور السنة. ولو بني تقسيم الفصول على الشهور القمرية، لما كان في الإمكان السير عليه بالقياس إلى الحياة العملية المبنية على الزرع والتجارة والتنقل في المراعي، وكل هذه لها علاقة بتبدل طبيعة الشهور.

والتقسيم المذكور قائم على أساس ملاحظات الإنسان للطبيعة ودراسته لها، وعلاقة البرد والحر بحياته وبزرعه وحيوانه. فقسم السنة إلى موسمين: موسم زرع يبذر فيه ويزرع، وموسم حصاد يحصد فيه زرعه ويجني ثمره. وهو موسم يبدأ فيه الزرع بالأفول وبالذبول، حتى إذا ما جاء البرد، تساقط فيه الورق، وتعرت الأشجار من الخضرة ويقابل هذا البرد الحر، وهو موسم واضح ظاهر في جزيرة العرب حياته فيها أطول من بقية الفصول. فأدرك الإنسان من تأثير الطبيعة عليه وجود أربعة فصول. وقد عبرت التوراة عن هذه الفصول بقولها: "مدة كل أيام الأرض زرع وحصاد وبرد وحر وصيف وشتاء ونهار وليل"١

ولكن الواضح من الفصول في بلاد العرب: الصيف. ويستأثر بالنصيب الأكبر من السنة، لامتداد حره، ثم الشتاء ولذلك نجد الناس يقسمون السنة إلى نصفين: صيف وشتاء.

ونجد هذه الفكرة عند العبرانيين كذلك، فالصيف والشتاء هما الفصلان الواضحان البارزان عندهما. ويسمى الصيف بـ"قيز" "قيض" عندهم، أي: بالتسمية الواردة عند العرب، أما الشتاء، فهو "خرف" في العبرانية٢.

وبعض العرب يقسم السنة نصفين: شتاء وصيفًا، ويقسم الشتاء نصفين، فيكون الشتاء أوله، والربيع آخره. ويقسم الصيف نصفين، فيجعل الصيف أوله، والقيظ آخره٣.

وذكر أهل الأخبار وعلماء اللغة أن العرب تبتدئ بفصل الخريف وتسميه


١ التكوين، الإصحاح الأول، الآية١٤،الإصحاح الثامن، الآية٢٢، قاموس الكتاب المقدس"٢/ ٤٧٨".
٢ W. Smith, A Dictionary of the Bible, I, P. ٣١٥
٣ الأنواء "ص١٠٤"، بلوغ الأرب "٣/ ٢٤٤".

<<  <  ج: ص:  >  >>