للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم صار في السنة الثانية في ذي الحجة"١. فدخل صفر وربيع الأول وربيع الآخر في الأشهر الحرم، حسب هذه الروايات. مع أنها ليست من الأشهر الحرم المقررة المعروفة عند الجاهليين. وقد رأيت تعليل ذلك في تفسير "النيسابوري" لها، وهو فعل عامل النسيء.

ولما وصل "الطبري" إلى الآية: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّم} ٢، قال: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا} . منها أربعة حرم متواليات: ذو القعدة وذو الحجة، والمحرم، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان. وهو قول عامة أهل التأويل"٣. وقال "النيسابوري": "منها أربعة حرم: ثلاثة سرد، أي: مسرودة: ذو القعدة وذو الحجة، والمحرم، وواحد فرد هو رجب"٤. وورد في خطبة الوداع: "ألا إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض. السنة اثنا عشر شهرًا. منها أربعة حرم. ثلاث متواليات: ذو القعدة، وذو الحجة والمحرم، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان"٥. فهذه هي الشهور الحرم. أما ما تقدم، فقد كانت محرمة بموجب ما كان قد وقع عليها بفعل النسيء. فقد كانت العرب قد نسأت النسيء، فكانوا يحجون في كثير من السنين، بل أكثرها في غير ذي الحجة٦.

وعرف المحرمون للأشهر الحرم بـ"المحرمين"، وبـ"البسل" أيضًا. ذكر أن من معاني "البسل": الحرام والشجاعة، وهي معاني نجدها في لفظتي "حمس" و"حرم". وذكر علماء اللغة، أن "البسل ثمانية أشهر حرم كانت لقوم لهم صيت. وذكر أنهم من غطفان وقيس. يقال لهم: الهباآت"٧. وذكر أن البسل: "بني عامر بن لؤي"٨، أو"عوف بن لؤي"، أو "مرة بن


١ تفسير النيسابوري "١٠/ ٣٧"، "حاشية على تفسير الطبري".
٢ التوبة، رقم٩، الآية٢٦.
٣ تفسير الطبري "١٠/ ٨٨".
٤ تفسير النيسابوري "١٠/ ٧٩"، "حاشية على تفسير الطبري".
٥ تفسير ابن كثير "٢/ ٣٥٣".
٦ تفسير ابن كثير "٢/ ٣٥٤".
٧ تاج العروس "٧/ ٢٢٧"، "بسل".
٨ تاج العروس "٧/ ٢٢٧"، "بسل".

<<  <  ج: ص:  >  >>