للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأرض، وإن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرًا في كتاب الله، منها أربعة حرم، ثلاثة متوالية: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب الذي يدعى شهر مضر الذي جاء بين جمادى الآخرة وشعبان، والشهر تسعة وعشرون وثلاثون"١.

ومنذ ذلك الحين ترك النسيء. "وعني بذلك أن الشهور عادت إلى مواضعها، وزال عنها فعل العرب بها. ولذلك سميت حجة الوداع الحج الأقوم. ثم حرم ذلك، وأهمل أصلًا"٢.

وقد ذكر "المسعودي" إن عدة الشهور عند العرب وسائر العجم اثنا عشر شهرًا٣. وتقسيم السنة إلى اثني عشر شهرًا، هو تقسي قديم يعود إلى ما قبل الميلاد.

وذُكر أن نسيء العرب كان على ضربين: أحدهما تأخير شهر المحرم إلى صفر. لحاجتهم إلى شن الغارات وطلب الثارات، والآخر تأخير الحج عن وقته تحريًّا منهم للسنة الشمسية، فكانوا يؤخرونه في كل عام أحد عشر يومًا، حتى يدور الدور فيه إلى ثلاث وثلاثين سنة، فيعود إلى وقته٤. وهذا الرأي يلخص ما أورده أهل الأخبار في النسيء. ويتلخص في شيئين: النسيء: تأخير الشهور، وذلك بإحلال شهر في مكان شهر آخر، للاستفادة من ذلك في التحليل والتحريم، والنسيء بمعنى الكبس، وهو إضافة الفرق الذي يقع بين السنة الشمسية والسنة القمرية إلى الشهور القمرية لتلافي النقص الكائن بين السنتين، ولتكون الشهور القمرية بذلك ثابتة لاتتغير، تكون في مواسمها المعينة، فلا يقع حادث في شهر من شهورها في الشتاء، ثم يتحول بمرور السنين، فيقع بعد أمد في الصيف أو في الربيع، كما يقع ذلك في الشهور القمرية الصرفة المستعملة في الإسلام.

وتسمى الطريقة الثانية، وهي إضافة فرق الأيام بين السنتين الشمسية والقمرية إلى السنة القمرية، "الكبس" في اصطلاح العلماء. وقد كانت شهور اليهود، وهي شهور قمرية، تساوي "٣٥٤" يومًا وست ساعات، فهي لذلك أنقص بأحد


١ إمتاع الأسماع "١/ ٥٣١"، ويختلف هذا النص في مختلف الموارد، راجع عمدة القاري "١٨/ ٤١"، مجالس ثعلب "١٢١"، سيرة ابن هشام "٢/ ٣٥١"، "حاشية على الروض الأنف"، "٢/ ٣٥١".
٢ الآثار الباقية "١/ ٦٢ وما بعدها"، روح المعاني "١٠/ ٩١ وما بعدها".
٣ مروج الذهب "٢/ ١٧٧"، "ذكر سني العرب والعجم وشهورها".
٤ بلوغ الأرب "٣/ ٧١"، نهاية الأرب "١/ ١٦٦ وما بعدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>