للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عشر يومًا عن السنة الرومانية، فأدخلوا شهرًا ثالث عشر في كل ثلاث سنوات، سموه "فيادرا" أو "آذار الثاني"، وبهذه الطريقة جعلوا السنة القمرية مساوية للسنة الشمسية١. وقد ذكر "المسعودي"، أن أيام السنة "ثلثمائة وأربعون وخمسون يومًا، تنقص عن السرياني أحد عشر يومًا وربع يوم، فتفرق في كل ثلاث وثلاثين سنة، تنسلخ تلك السنة العربية ولا يكون فيها نيروز، وقد كانت العرب في الجاهلية تكبس في كل ثلاث سنين شهرًا، وتسميه النسيء وهو التأخير"٢.

وذكر "القلقشندي"، أنهم كانوا يؤخرون في كل عام أحد عشر يومًا، حتى يدور الدور إلى ثلاث وثلاثين سنة، فيعود إلى وقته، فلما كانت سنة حجة الوداع، وهي تسع من الهجرة، عاد الحج إلى وقته اتفاقًا في ذي الحجة كما وضع أولًا، فأقام رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فيه الحج، ثم قال في خطبته التي خطبها يومئذ: "إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض"، بمعنى أن الحج قد عاد في ذي الحجة"٣. وذكروا أن المشركين كانوا "يحجون في كل شهر عامين، فحجوا في ذي الحجة عامين، ثم حجوا في المحرم عامين، ثم حجوا في صفر عامين، وكذلك في الشهور كلها حتى وافقت حجة أبي بكر التي حجها قبل حجة الوداع ذا القعدة من السنة التاسعة، ثم حج النبي، صلى الله عليه وسلم، في العام المقبل حجة الوداع فوافقت ذا الحجة، فذلك قوله في خطبته: "إن الزمان قد استدار ... " الحديث. أراد بذلك أن أشهر الحج رجعت إلى مواضعها، وعاد الحج إلى ذي الحجة وبطل النسيء٤.

وورد في خبر يرجع سنده إلى "إياس بن معاوية"، أن المشركين كانوا "يحسبون السنة اثني عشر شهرًا وخمسة عشر يومًا، فكان الحج يكون في رمضان وفي ذي القعدة، وفي كل شهر من السنة بحكم استدارة الشهر بزيادة الخمسة عشر يومًا، فحج أبو بكر سنة تسع في ذي القعدة بحكم الاستدارة، ولم يحج النبي، صلى الله عليه وسلم، فلما كان في العام المقبل وافق الحج ذا الحجة في العشر، ووافق ذلك الأهلة"٥. وقد ورد في الحديث: "الشهر هكذا وهكذا"، يعني


١ قاموس الكتاب المقدس "١/ ٦٣٩ وما بعدها".
٢ مروج "٢/ ١٨٨"، "ذكر سني العرب وشهورها وتسمية أيامها ولياليها".
٣ صبح الأعشى "٢/ ٣٩٧".
٤ القرطبي، الجامع لأحكام القرآن "٨/ ١٣٧".
٥ المصدر نفسه "٨/ ١٣٨".

<<  <  ج: ص:  >  >>