للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو "وكان ذلك في أيام حكم يذمر ملك وترابل" بالنسبة للجملة الثانية. فلم يذكرالنص السنة التي دون فيها النص، أو أرخ فيها النص من سني حكم الملك المذكور. وهي سنون قد تكون قصيرة، وقد تكون طويلة. ولفظة "يوم" هو بمعنى" "حكم" و"أيام".

وقد يؤرخ بحكم موظف من كبار موظفي الحكومة من حملة درجة "كبر" "كبير"، مثلًا، أو غيرها من الدرجات العالية في الحكومة أو في المجتمع.

كما أرخوا بأيام الرؤساء والسادات وأرباب الأسر. وليس العرب الجنوبيون بدعًا في هذا الباب، فقد كان غيرهم يؤرخ بهذه الطرق. وذلك قبل توصلهم إلى اتخاذ تقويم واحد ثابت له بداية معينة تؤرخ به.

والغالب ذكر اسم الشهر مع حكم الكبير أو الرئيس أو إنسان آخر، كما في هذا المثال: "بورخ ذ طنفت ذ كبر ايتم ذ عرقن"١، ومعناها "بشهر ذو طنفت من كبارة أيتم ذو عرقن"١، وبعبارة أوضح "بشهر ذو طنفت من حكم الكبير أيتم ذو عرقن"، و"ذو طنفت"، اسم شهر من الشهور.

والكتابات المؤرخة بهذه الطريقة، على أنها أحسن حالًا في نظرنا من الكتابات المهملة التي لم يؤرخها أصحابها بتأريخ، إلا أننا قلما نستفيد منها فائدة تذكر.

إذ كيف يستطيع مؤرخ أن يعرف زمانها بالضبط، وهو لا يعرف شيئًا عن حياة الملك الذي أرخت به الكتابة، أو حكمه، أو زمانه، أو زمان الرجال الذين أرخ بهم؟ لقد فات أصحاب هذه الكتابات أن شهرة الإنسان لا تدوم، وأن الملك فلانًا، أو رب الأسرة فلانًا، أو الزعيم فلانًا سينسى بعد أجيال، وقد يصبح نسيًا منسيًّا، لذلك لا يجدي التأريخ به شيئا، وذاكرة الإنسان لا تعي إلا الحودث الجسام. لهذا السبب لم نستفد من كثير من هذه الكتابات المؤرخة على وفق هذه الطريقة، إن استفدنا منها في أمور أخرى لا صلة لها بتثبيت تواريخها.

وقد تجمعت لدينا أسماء أشخاص أرخ الناس بأيامهم لأنهم كانوا أصحاب جاه ونفوذ، لكننا لا نعرف اليوم من أمرهم شيئًا، لأن النصوص لم تذكر شيئًا.


١ REP. EPI. ٣٦٠٩, ٣, Beeston, P. ٢٦

<<  <  ج: ص:  >  >>