للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مثل حروبهم بعضهم مع بعض، أو حروبهم مع غيرهم مثل النبط أو الروم.

وقد أرخ بعضها بحوادث ذات صفة خاصة وعائلية، مثل "سنة قتله خاله"، أو "سنة وفاة والده". وهي حوادث لا يمكننا الاستفادة منها في استنباط تأريخ منها؛ لأننا لا نعرف من أمرها شيئًا. غير أن هنالك نصوصًا مؤرخة أفادتنا بعض الإفادة في الوقوف على التوقيت عند الصفويين. ففي نص لرجل اسمه "أنعم بن فخش"، ما يفيد أنه استولى على غنائم "سنة الحرب مع النبط".

ويقصد بسنة الحرب مع النبط، السنة التي قضى فيها الرومان على مملكة النبط، وهي سنة "١٠٥" أو "١٠٦" للميلاد. وقد صارت هذه السنة مبدءًا للتأريخ في "بصرى"، وعند العرب الصفويين١.

ولدينا نص صفوي آخر، أرخ بـ"سنت حرب همدي ال روم"، أي: "سنة محاربة الميديين الروم"، أو "سنة حرب الميدين الروم". ويرى "ليمان" أنه قد توصل إلى ضبط تأريخ هذه الحرب. هناك نص أرخ بـ "سنت قتل ال حمد"، ويظن أنه يشير إلى معركة دارت على قبيلة تسمى "آل حمد".

وصاحب النص رجل من قبيلة تسمى "الرحبة"٢، ولا زال الأعراب يؤرخون بأيام قتالهم بعضهم مع بعض.

ونحن لا نعلم اليوم كيف كان يؤرخ أهل الحيرة أو الغساسنة، لعدم ورود نصوص مدونة عن ذلك سوى ما ذكرته من نص النمارة المؤرخ بموجب تقويم بصرى. ولا أستبعد احتمال استعمال أهل الحيرة التقاويم العراقية أو الفارسية التي كانت شائعة عندهم في ذلك العهد أساسًا للتأريخ. وقد يكون من بينها التقويم النصراني بالنسبة للنصارى، وينطبق ذلك على نصارى الغساسنة أيضًا، كما لا أستبعد استعمال الغساسنة لتقويم الروم. وللتقاويم العربية المألوفة التي تستعمل الأساليب المحلية في تثبيت التواريخ. ويظهر من تأريخ "ابن الكلبي" لحوادث الحيرة وعرب العراق بتقويم الساسانيين لتواريخ ملوكهم، أن أهل الحيرة كانوا قد دونوا تواريخهم بموجبها، ولكن هذا لا يمنع من احتمال أخذ ابن الكلبي أقواله في تواريخهم من تواريخ الفرس ومن رواتهم رأسًا، فلا يكون عندئذ ذكره


١ رينيه ديسو، العرب في سوريا قبل الإسلام "ص١٠٣".
٢ العرب في سوريا قبل الإسلام "ص١٠٥".

<<  <  ج: ص:  >  >>