للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهي إحدى وثمانين وثمانمائة لغلبة الإسكندر على دارا، وهي ستة ألف وثلاثمائة وستة عشر لابتداء ملك بخت نصر١. وهو العام الذي ولد فيه الرسول على أغلب الروايات.

وأرخت قريش بيوم الفجار وبحلف الفضول.

وكانوا يسمون السنين بالحوادث الخطيرة الجليلة التي تقع فيها. وقد فعل ذلك المسلمون أيضًا في صدر الإسلام، فسموا كل سنة مما بين الهجرة والوفاة باسم مخصوص بها مشتق مما اتفق فيها للنبي. فسموا السنة الأولى للهجرة سنة الأذن، والثانية سنة الأمر بالقتال، والثالثة سنة التمحيص، والرابعة سنة الترفئة، والخامسة سنة الزلزال، والسادسة سنة الاستئناس، والسابعة سنة الاستغلاب، والثامنة سنة الاستواء، والتاسعة سنة البراءة، والعاشرة سنة الوداع، فكانوا يستغنون بذكرها عن عددها من لدن الهجرة٢.

وأما الأعراب، فتواريخهم برئاسة ساداتهم، وبالأحداث التي تقع لهم من أفراح وأتراح، ومن غزو أو نكبة، وبالعوارض الطبيعية، مثل سقوط مطر غزير، أو انحباسه مدة طويلة، أو هزة أرضية، أو ظهور جراد، أو وقوع وباء، وما أشبه ذلك من أمور. وهم على هذا النوع من التأريخ حتى اليوم.

وليس في الذي رواه أهل الأخبار عن أهل الجاهلية ما يشير إلى وقوف العرب على كتب في التأريخ يونانية أو لاتينية أو سريانية أو عبرانية، أو على معربات لها. وليس في كل الذي ذكروه اسم مؤرخ من المؤرخين الذين نجلتهم الشعوب المذكورة. غير أن هذا لا يمكن أن يكون دليلًا على عدم وقوفهم على تواريخ تلك الأمم وأخبارهم، ففي القصص المنسوب إلى الجاهليين، قصص يدل على أنه مأخوذ عن تلك الأمم مستورد منها. ثم أن أهل الأخبار أنفسهم أشاروا إلى نفر ذكروا عنهم أنهم نظروا في كتب الأساطير ورووا منها أخبار العجم، وإلى نفر ذكروا عنهم أنهم نظروا في الكتب القديمة وحذقوا لغات أهل الكتاب، ورووا في شعرهم أو في كلامهم شيئًا مقتبسًا من قصص أهل الكتاب، يضاف


١ إمتاع الأسماع "١/ ٤".
٢ الآثار الباقية "١/ ٣٤".

<<  <  ج: ص:  >  >>