للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكر "اليعقوبي". أن قريشًا كانوا يؤرخون بالسنين، يؤرخون بموت "قصي" لجلالة قصي عنده، فسنة وفاته هي مبدأ تاريخهم إلى أن كان عام الفيل، فأرخوا به لاشتهار ذلك العام١.

وذكروا أنهم أرخوا بعام وفاة هشام بن المغيرة المخزومي، وهو والد أبي جهل، وكان من رؤساء بني مخزوم، وله صيت عظيم بمكة، كما كان سيد قريش في زمانه٢. وقد مات بالرعاف، ذكر أنه كان آخر من مات به من سادة قريش. وزعموا أن الرعاف من منايا "جرهم" أيام جرهم، وأنه أهلكهم، فأرخوا به قال بشير بن الحجير الإيادي:

ونحن إياد عبادُ الإلَه ... ورهط مناجيه في سُلم

ونحن ولاة حجاب العتيق ... زمانَ الرعاف على جرهم٣

وورد "زمان النخاع" في موضع "زمان الرعاف"، وهو داء أيضًا، زعم أنه فتك بجرهم، فهلك منهم ثمانون كهلًا في ليلة واحدة سوى الشبان٤. فهو وباء أيضًا زعم أن الناس أرخوا به.

وأرخوا بعام الفيل، بقوا يؤرخون به إلى أن أرخ بالهجرة٥. وقد ترك الحادث أثرًا مهمًّا في ذاكرة قريش، ولهذا ذكروا به في القرآن، حتى يتعظوا به. ويجعلون عام الفيل في الثانية والأربعين من ملك كسرى أنوشروان، وقبل ولاية النعمان بن المنذر المعروف بـ"أبي قابوس" بنحو من سبع عشرة سنة،


١ اليعقوبي "٢/ ٤"، "مولد رسول الله".
٢ بلوغ الأرب "٣/ ٢١٥"، "واتخذت قريش موته تأريخًا. وله يقول بجير بن عبد الله بن عامر بن سلمة بن قشير:
فأصبح بطن مكة مقشعرًا ... كأن الأرض ليس بها هشام
المحبر "١٣٩".
٣ الحيوان "٦/ ١٥١"
٤ الحيوان "٦/ ١٥١"
٥ بلوغ الأرب "٣/ ٢١٥".

<<  <  ج: ص:  >  >>