للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونجد العربية ذات حروف يزيد عددها على حروف اللغات السامية الأخرى.

ولعلّ اللغات الأخرى كانت تملك حروفًا أخرى، ثم قلّ استعمالها فزالت من أبجديتها، ولم تبق لها حاجة بها. فالعبرانية لا تمتلك الحروف: "ذ"، و"ع"، و"ظ"، و"ض". والبابلية لا تمتلك أيضًا الحروف: العين والحاء والغين والهاء وهي من أحرف الحلق، ولا الأحرف: الطاء والظاء والصاد، وهي من أحرف التضخيم والتفخيم، ولا القاف. ونجد يهود السامرة لا يستعملون حرف السين١. وهناك أمثلة أخرى تثبت حدوث تطور في عدد الحروف في اللغات السامية، مما سبب حدوث اختلاف في عددها، ولهذا حدث هذا الاختلاف الذي نراه ونلاحظه بين أبجديات تلك اللغات.

ونجد العربية الجنوبية تمتلك حروفًا لا تمتلكها العربية الفصحى، وذلك بسبب اختلاف طبيعتي اللهجتين.

ولا بد أن تكون هنالك عوامل عديدة دعت إلى حدوث تغيير في عدد الحروف في لغات الساميين. وقد عزا بعض الباحثين سقوط الأحرف التي ذكرتها من الكتابة البابلية إلى استعمال البابليين للكتابة المسمارية٢. غير أن هذا رأي يجب أن يدرس بعناية، وأن يكون مبنيًّا على دراسات عديدة أصيلة، ليكون في الإمكان تكوين رأي صحيح في هذا الموضوع.

واللغة العربية اليوم، هي من أعظم اللغات السامية الباقية، بكثرة من يتكلم ويكتب بها، وبكثرة ما ألف ودون بها. وهي تستعمل اليوم قلمًا اشتق من قلم سامي شمالي، وكان لها في الماضي قلم قديم كان مستعملًا عند العرب من أيام ما قبل الميلاد إلى ظهور الإسلام، مات بسبب اتخاذ الإسلام القلم الجزم قلمًا للوحي، دون به القرآن الكريم، فصار بذلك القلم الشرعي الرسمي، وأمات بذلك الأقلام الجاهلية الأخرى المشتقة من القلم "المسند". ونجد في المعاجم اللغوية مئات الألوف من الألفاظ المعبرة عن معان، وقد قدر بعض العلماء عدد ألفاظ العربية بنحو من "١٢٣٠٥٠٥٢" كلمة٣. ويعود سبب غناها في الألفاظ إلى


١ ولفنسون، السامية "١٩ وما بعدها، ٣٩".
٢ ولفنسون، السامية "٣٩".
٣ The Bible Dictionary, Vol. I, P. ١٠١

<<  <  ج: ص:  >  >>