للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو لعدنانية، التي هي اصطنعت هذه الأقوال في الإسلام، وحذلقة مصطنعة باردة استغلت المجانسة اللفظية بين عرب ويعرب وأعرب، لإيجاد صلة بين معاني هذه الألفاظ وفي جذورها.

وتشمل لفظة "العجم" كل من ليس بعربي، وهي في مقابل لفظة: "Barbarian" في اللغة الانكليزية المأخوذة من أصل يوناني، وهي لا تعني المتوحشين وإنما "أعاجم" و"غرباء" بتعبير أصح، الذين كانوا لا يحسنون التكلم بلغة المهذبين، بل كانوا يرطنون في كلامهم، ويتكلمون بلهجات رديئة، ثم أطلقها الليونان على كل من لا يحسن التكلم باليونانية وعلى كل من يتكلم بلغة غير يونانية.

ولما دخل اليونان في حكم الرومان، صارت الكلمة تطلق على كل الشعوب الأخرى التي لا تتكلم باليونانية، أو اللاتينية١. ولا أستبعد احتمال مجيء هذه النظرية عند العرب من اليونان، وإن كان اليونان، لم ينفردوا بها وحدهم، فقد كانت الشعوب القديمة تعرف مثل هذه المصطلحات، ومصطلح: "كوييم" "Goim" العبري، الذي يعني "Gentile" في الانكليزية، وغرباء، وشعوب، ومشركين عبدة أصنام٢، يعبر عن هذه النظرة. فكل الشعوب باستثناء "العبرانيين" هم "كوبيم"، والعبرانيون هم المتكلمون بالعبرانية، وغيرهم هم الذين لا يتكلمون بها.

ولفظة "العجم"، وإن كانت لفظة عامة، قصد بها كل من هو ليس بعربي، لكنها أطلقت في الغالب على الفرس واليونان، وهم أرقى الشعوب التي احتك بها العرب في ذلك الوقت. وأطلقت على الفرس بصورة خاصة، لما كان للساسانيين من اتصال خاص بالعرب قبيل الإسلام. أما سكان إفريقية، فلم تطلق عليهم هذه اللفظة إلى قليلًا؛ لأن العرب لم ينظروا إليهم نظرة احترام؛ ولهذا عرفوا عندهم بالعبيد، وبالحبش، وبالسودان. وقد نعتوا بالطمطمانية، فورد "طمطم حبشيون"، بالنظر إلى لغتهم، وعدم تمكنهم من الإفصاح بالعربية.

وقد ورد في معلقة "عنترة": "أعظم طمطم"، في هذا البيت:

تأوى له قلص النعام كما أوت ... حزق يمانية لأعجم طمطم٣


١ Hastings, P. ٨٤
٢ Hastings, p. ٣٠٣
٣ البيت الـ "٢٥" من المعلقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>