للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا درّ دريّ إن أطعمت نازلكم ... قرف الحتى وعندي البر مكنوز

قال ابن دريد: "البُر أفصح من قولهم: الحنطة. واحدته بُرة"١، "والحنطة بالكسر البُر الحب المعروف"٢. وهي في الواقع ألفاظ وردت في لغات، حين ضبطها علماء اللغة، فات عليهم أنها لم تكن مستعملة في كل لغات العرب، وإنما هي في لغات بعض منهم. فالقمح مثلًا، لفظة وردت في لغات عرب الشام والحجاز، لأنها من أصل آرامي، هو "قمحو"٣، وقد كان أهل الحجاز في الجاهلية يستوردون القمح من بلاد الشام، فأبقوا التسمية الآرامية على حالها، بعد أن أجروا عليها بعض التعديل. وأما "الحنطة"، فنجد لها مقابلًا في العبرانية هو "Chittah" في العبرانية٤، مما يدل على أن اللفظة كانت مستعملة في العربية الغربية. وأما لفظة "بُر"، فهي من الألفاظ التي وردت في نص "أبرهة"، فهي لغة يمانية وحجازية، وقد نص علماء اللغة على ورودها في لغة أهل الحجاز، وربما أخذوها من أهل اليمن، الذين عرفوا بزراعتهم للبر قبل الإسلام. ووردت لفظة "بُر" بمعنى حنطة في النص الموسوم بـ"Jamme ٦٧٠" إذ ورد فيه: "برم وشعرم عدى ارضهمو"٥، أي: "حنطة وشعير في أرضهم" "حنطة وشعير من أرضهم".

ومما يكثر في هذه العربية "المشترك"، وحده: اللفظ الواحد الدال على معنيين مختلفين فأكثر دلالة على السواء عند أهل تلك اللغة. ولعلماء اللغة بحوث فيه، فمنهم من يؤيد وقوعه ومنهم من ينكر. ومن المشترك: العم، فالعم أخو الأب، والعم: الجمع الكثير، ومشى، فمشى يمشي من المشي، ومشى إذا كثرت ماشيته، وللنوى مواضع، وللروبة والرؤبة معان، وللأرض معان، وللفظة الهلال معان، وللفظ العين معان كثيرة ومواضع عديدة، إلى غير ذلك من ألفاظ تجدها في كتب اللغة٦.


١ تاج العروس "٣/ ٣٨"، "برر".
٢ تاج العروس "٥/ ١٢١"، "حنط".
٣ غرائب اللغة "٢٠٢".
٤ راجع سفر التكوين، الإصحاح٣٠، الآية١٤، سفر الخروج، الإصحاح٣٤، الآية٢٢، الأصل "العبري".
٥ السطر ٢٦ – ٢٧ من النص.
٦ المزهر "١/ ٣٦٩"، "النوع الخامس والعشرون".

<<  <  ج: ص:  >  >>