للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهم يسمون الملك إذا كان لا يغزو موثبان، يريدون أنه يطيل الجلوس ولا يغزو١.

ومن الأضداد ألفاظ قليلة، واضحة الضدية يطلقها الناس على الضد لاعتبارات لديهم، مثل إطلاق لفظة "البصير" على الأعمى، و"السليم" على اللديغ.

ولعلماء العربية بحوث وآراء في علة ظهور الأضداد. منهم من يرى أن الحرف إذا وقع على معنيين متضادين، فالأصل لمعنى واحد، ثم تداخل الاثنان على جهة الاتساع، فمن ذلك الصريم، يقال لليل: صريم، وللنهار: صريم؛ لأن الليل ينصرم من النهار، والنهار ينصرم من الليل، فأصل المعنيين من باب واحد وهو القطع.

وقال آخرون: إذا وقع الحرف على معنيين متضادين، فمحال أن يكون العربي أوقعه عليهما بمساواة منه بينهما، ولكن أحد المعنيين لحي من العرب والمعنى الآخر لحي غيره٢، فلما سجل علماء اللغة مفردات الألفاظ لم يسجلوا في الأكثر اسم القبيلة أو القبائل التي كانت تنطق بها، فظن أن هذا التضاد هو مما وقع هذه العربية، وإنما هو في الأكثر حاصل جمع لغات.

وقد أنكر ناس مذهب الأضداد، ومذهبهم أن الشيء لا يمكن أن يدل على الشيء وضده، وأن النقيضين لا يوضع لهما لفظ واحد، ومن هؤلاء: "أبو محمد عبد الله بن جعفر بن درستويه"، "توفي نيف وثلاثين وثلاثمائة"، وهو من علماء البصرة ومن المتعصبين لأهل البصرة، وهو صاحب مؤلف في الأضداد، ذكره "ابن النديم"٣، فهو ممن ذهب إلى انكار الأضداد٤، وأثبته آخرون قائلين: يجوز أن يوضع لهما لفظ واحد من قبيلتين. وأن المشترك يقع على شيئين ضدين، وعلى مختلفين غير ضدين٥. ومن المثبتين له: قطرب، وابن الأنباري، و"ابن فارس"، وغيرهم٦.

وقد ألف في الأضداد قوم من العلماء، منهم: أبو علي محمد بن المستنير، ويقال: أحمد بن محمد، ويقال: الحسن بن محمد، المعروف بقطرب المتوفى سنة


١ الصاحبي "٥١".
٢ المزهر "١/ ٤٠٠ وما بعدها".
٣ الفهرست "٩٩ وما بعدها"، المزهر "١/ ٣٨٧".
٤ المزهر "١/ ٣٩٦".
٥ المزهر "١/ ٣٨٧".
٦ المزهر "١/ ٣٨٧ وما بعدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>