للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللغات" لأبي عمرو الشيباني "٢١٣هـ"١، و"كتاب مجرد الغريب" على مثال العين وعلى غير ترتيبه، "وأوله هذا كتاب ألفه في غريب كلام العرب ولغاتها على عدد حروف الهجاء الثمانية والعشرين"، وهو لعلي بن الحسن ويكنى أبا الحسن الهنائي٢ و"كتاب الاستعانة بالشعر وما جاء في اللغات" لعمر بن شبة "٢٦٢هـ"٣، إلى غير ذلك من مؤلفات دونت في هذا الباب.

لكننا لا نستطيع أن نتحدث عما عالجته من موضوعات وعما ورد فيها من بحوث، بسبب أننا لا نملك نسخًا منها، فلا ندري إذا كانت قد وضعت في خصائص لغات العرب من نحو وصرف ومفردات، أم أنها ألفت في الشواذ والنوادر وفي الأضداد واختلاف الألفاظ، وما يتعاور الأبنية من الاختلاف الصرفي والنحوي، لأن كل وجه من ذلك إنما هو أثر من لغة. والأصح، أنها لم توضع في خصائص لغات الجاهليين وفي قواعد نحوها وصرفها لضبطها، كالذي فعلوه في دراسة عربية القرآن الكريم، فهذا عمل كبير، يحتاج إلى استقراء وتتبع لألسنة العرب في الجاهلية وعند ظهور الإسلام، وإنما كانت قد ألفت فيما جاء في الشعر الجاهلي وفي نوادر الأعراب وكلامهم من اختلاف وتغير وشواذ، مما يغاير لغة القرآن الكريم. ودليل ذلك، أننا نرى أن المؤلفات التي نقلت من تلك الكتب في باب لغات العرب، لم تتحدث بشيء عن أصول نحو وصرف تلك اللغات، وإنما تحدثت عن أمور ذكرت أنها خرجت فيها على قواعد العربية الفصحى، وشذت بها عنها، مما يدل على أن علماء اللغة لم يوجهوا عنايتهم نحو تلك اللغات لدرسها بذاتها دراسة مستقلة، كما فعلوا بالنسبة للعربية الفصحى وإنما أرادوا إظهار بعض مواضع خلافها مع العربية، أو مواضع الاتفاق معها لإثبات قاعدة نحوية أو صرفية، أو لإظهار سمو هذه العربية وعلوها على العربيات الأخرى من حيث السليقة والذوق والسلامة.

وقد بني سبب إهمالهم اللهجات الأخرى، على اعتقادهم أنها لهجات رديئة فاسدة، وأن اللغة الفصحى هي اللغة الوحيدة التي يجب حفظ قواعدها والعناية بها، لأنها لغة القرآن الكريم، وأن البحث في اللهجات الأخرى يؤدي إلى تثبيت


١ الفهرست "١٠٧".
٢ الفهرست "١٣٠".
٣ الفهرست "١٦٩".

<<  <  ج: ص:  >  >>