للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللغة، ويظهر أنها لغة خاصة، ربما كانت حاصل إدغام حرف الجر "من" في الكلمة التي دخلت عليها، فـ "أم بيت"، هي "من البيت" أو أنها لهجة من اللهجات التي تكلم بها أهل اليمن الشماليون، جعلت "الميم" أداة للتعريف.

لأننا نعلم -كما سبق أن ذكرت- أن حرف "الميم" أداة للتنكير في اللهجات العربية الجنوبية، فيقال: "بيتم" في موضع "بيت"، وتلحق آخر الاسم. أما أداة التعريف فحرف "ن" يلحق آخر الكلمة كذلك، ولا يدخل على أولها كما في "ال"، يقال: "بيتن" في موضع "البيت"، و"ملكن" في مقابل "الملك".

وذكر "فؤاد حمزة" أن قبيلة "فهم"، وتقع منازلها اليوم بين بني ثقيف شمالًا والجحادلة غربًا، تتكلم بعربية قريبة جدًّا من العربية الفصحى، وهي مشهورة بالفصاحة١.

وفي العربية الجنوبية قبائل تتكلم اليوم بلهجات يرجع نسبها إلى اللهجات العربية الجنوبية القديمة؛ لأن في ألفاظها وفي تراكيب جملها، ودراستها في هذا اليوم، ضرورة لازمة لمن يريد الوقوف على تأريخ اللغة العربية قبل الإسلام، ومن الضروري كذلك وجوب دراسة اللهجات "الشحرية" و"المهرية" و"السواحلية" و"السقطرية"، ولهجات السواحل الأفريقية المقابلة لجزيرة العرب للوقوف على تطور اللغات العربية الجنوبية، وعلى حل رموزها التي لا تزال مغلقة غير معروفة عند علماء هذا اليوم. لما لهذه اللهجات من صلات بالعربيات المذكورة.

وأرى من الضروري دراسة اللهجات العربية الحالية في كل مكان من أمكنة جزيرة العرب، ولا سيما في المواضع التي استخرج العلماء من باطنها نصوصًا مدونة بلهجات عربية قديمة، مثل أعالي الحجاز لنتمكن بهذه الدراسة من حل معضلات تلك الكتابات ومن تكوين رأي علمي واضح عن تطوّر تلك اللهجات فيما قبل الإسلام.

وأرى من الضروري في هذا اليوم وجوب تأليف معجم لغوي، يضم اللهجات العربية القديمة، أي: اللهجات الجاهلية التي وردت في النصوص الجاهلية، للوقوف عليها، ولا سيما على اللفظ الغريب منها، ومقارنتها بالألفاظ التي ترد في اللهجات


١ قلب جزيرة العرب "١٧٨".

<<  <  ج: ص:  >  >>