للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم التوفيق والخذلان بيد الله"١. ولما كان النبي عربيًّا، وقد نعت في القرآن بأنه "النبي الأمي"٢، الذي أرسله الله إلى الأميين، رسولًا منهم"٣، والأميون هم العرب، العرب كلهم، ولما كان الله قد أرسله إلى قومه العرب، وجب أن يكون الوحي بلسانهم المفهوم بينهم، بلسان طافة منهم، يؤيد ذلك ما ورد في القرآن الكريم نفسه من أنه نزل بلسان عربي مبين. "قال الأزهري: وجعل الله، عز وجل، القرآن المنزل على النبي المرسل محمد، صلى الله عليه وسلم، عربيًّا؛ لأنه نسبه إلى العرب الذين أنزله بلسانهم، وهم النبي والمهاجرون والأنصار الذين صيغة لسانهم لغة العرب، في باديتها وقراها، العربية، وجعل النبي، صلى الله عليه وسلم، عربيًّا لأنه من صريح العرب"٤. وقال "ابن خلدون": "إن القرآن نزل بلغة العرب، وعلى أساليب بلاغتهم، فكانوا كلهم يفهمونه، ويعلمون معانيه في مفرداته وتراكيبه"٥. وقال "الطبري" في تفسيره للآية: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} ٦، "يقول تعالى ذكره: إنا أنزلنا هذا الكتاب المبين قرآنًا عربيًّا على العرب؛ لأن لسانهم وكلامهم عربي، فأنزلنا هذا الكتاب بلسانهم ليعقلوه ويفقهوا منه. وذلك قوله عز وجل: {لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} "٧.

"قال ابن أبي داود في المصاحف: حدثنا العباس بن الوليد، حدثنا أُبي، حدثنا سعيد بن عبد العزيز: أن عربية القرآن أقيت على لسان سعيد بن العاص، لأنه كان أشبههم لهجة برسول الله صلى الله عليه وسلم، ولهذا ندبه عثمان فيمن ندب لكتابة القرآن٨. ونعت أنه كان أحد أشراف قريش ممن جمع السخاء والفصاحة" وفي هذه الإشارة دلالة على أن لهجة الرسول، لم تكن لهجة عاة قريش، وإنما كانت بالعربية التي نزل بها القرآن، ولهذا نص على أن لهجة "سعيد" كانت


١ تفسير الطبري "١٣/ ١٢١".
٢ الأعراف، الآية ١٥٧ وما بعدها.
٣ الجمعة، الرقم٦٢، الآية٢.
٤ اللسان "١/ ٥٨٨"، "عرب".
٥ المقدمة "٣٦٧"، "١٩٣٠م".
٦ سورة يوسف، الآية٢.
٧ تفسير الطبري "١٢/ ٨٩".
٨ الإصابة "٢/ ٤٥"، "رقم ٣٢٦٨".

<<  <  ج: ص:  >  >>