للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مشابهة للهجة الرسول، وكان من أفصح رجال قريش، ولو كانت عربية القرآن عربية قريش، لما كان هنالك معنى لقولهم: إن عربية القرآن أقيمت على لسان سعيد، لأنه كان أشبههم لهجة برسول الله، إذ لو كانت عربية القرآن عربية قريش، لنص عليها، ثم لكان في وسع أي رجل كاتب من قريش، تدوينه، لفصاحة قريش، ولكن سعيدًا كان من فصحاء قريش، لأنه كان يتكلم بعربية فصيحة، هي العربية التي نزل بها القرآن، والتي عرف فصحاء قريش فصاحتها، فاعترفوا لذلك بنزوله بأفصح لغة وأبين بيان.

وقد ذهب "نولدكه" إلى أن القول بنزول القرآن بلسان قريش، إنما ظهر في العصر الأموي، لإظهار عصبيته منها على الأنصار. ونظرًا لكون القرآن كتاب الله فلا دعاء نزوله بلغة قريش أهمية كبيرة بالنسبة لهم، ولتأييد سياستهم المناهضة للأنصار وللقحطانيين١.

ويلفت حديث: "أنزل القرآن على سبعة أحرف" النظر إليه حقًّا، فقد حصر القراءات في "سبعة أحرف". والأحرف الألسنة، مع أن العلماء يذكرون أن في القرآن من كل لغة، وأن فيه خمسين لغة٢. فإذا كان فيه هذا العدد أو نحوه، فما بال هذا الحديث يحصرها في سبعة فقط لا تزيد ولا تنقص وهي أحرف ثبتها العلماء ونصوا على أسمائها نصًّا. هل أخذوا هذا الحديث من "السبع المثاني" في القرآن الكريم، من قوله: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ} ٣.

أو أخذوه من عدد سبعة الذي يرد في مواضع عديد من القرآن الكريم؟ مثل سبع سماوات٤، وسبع سنابل٥، وسبع سنبلات٦، وسبع بقرات٧، وسبع سنين٨،


١ ولفنسون، السامية "٢٠٧".
٢ "وقال أبو بكر الواسطي في كتابه: الإرشاد في القراءات العشر: في القرآن من اللغات خمسون لغة: لغة قريش، وهذيل، وكنانة، وخثعم، والخزرج ... إلخ"، السيوطي، الإتقان "٢/ ١٠٢".
٣ الحجر، الرقم١٥، الآية٨٧، تفسير الطبري "١٤/ ٣٥ وما بعدها".
٤ البقرة، الآية٢٩.
٥ البقرة، الآية٢٦١.
٦ يوسف، الآية٤٣.
٧ يوسف، الآية٤٣.
٨ يوسف، الآية٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>