للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القراءات. وهي نتيجة تطور سابق لقرّاء سبقوا هؤلاء الأئمة الذين اعتمد عليهم في القراءات١، وعلى قراءاتهم يقرأ من يستحق لقب "مقرئ" أو "قارئ"٢، وإن كانت هنالك روايات تزيد بعض الزيادات على هذه القراءات.

ولأجل تكوين فكرة علمية صحيحة عن هذه الأخبار وعن درجة سعة هذا الاختلاف ومقدارها وما يجب أن يقال فيها، لابد من نقد كل ما ورد في هذا الباب من حديث وروايات، وغربلته غربلة دقيقة. وتكون أول هذه الغربلة في نظري بنقد سلسلة رجال السند، أي: الرواة، لمعرفة الروابط التي كانت تربط بينهم وصلة بعضهم ببعض وملاقاتهم، وما قيل وورد فيهم؛ إذ نسبت أحاديث إلى أشخاص قيل: إنهم رووها عن أناس ثقات، ثبت من النقد أن بعض رجال السند لم يلتقوا في حياتهم بمن حدثوا عنهم كما في حديث قتادة عن ابن عباس، أو أنهم رووا ما رووه تسرعًا وبدون سند أو إجازة لمجرد سماعهم برواية أولئك الأشخاص لتلك الروايات٣.

ثم إن هذا النقد لا يكفي وحده، بل لا بد من نقد متن الحديث من حيث لغته وأسلوبه ومضمونه وروحه، ومن حيث انطباق بعض الروايات على جوهر القرآن الكريم وما عرف عن الرسول. فبهذا النقد للمتن، نتمكن من الحكم على إمكان صدور الحديث عن الرسول أو عدمه.

وبعد كل ما تقدم، علينا حصر أمثلة الاختلاف التي ذكرها العلماء، وضبط كل ما ورد في الأخبار من هذا القبيل، لنتمكن من الحكم على مقدار ما اختلف فيه وسعته ودرجة موافقته لما جاء في ذلك الحديث وفي تلك الأخبار، ثم دراسة هذه الكلمات التي قيل: إنها تمثل لهجات قبائل وأنها حرف من هذه الأحرف السبعة المذكورة في الحديث.

لقد لخص "ابن قتيبة" الأحرف السبعة بالأوجه التي يقع بها التغاير:

فأولها: ما تتغير حركته، ولا يزول معناه ولا صورته، مثل: {وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ} بفتح الراء وضمها.


١ ابن عبد البر، جامع بيان العلم وفضله "١٢١"، النشر "١/ ٣١ وما بعدها".
٢ كولدزيهر، المذاهب الإسلامية في تفسير القرآن "٣٧".
٣ تفسير الطبري "١/ ٢٣"، "٢٥/ ٧٢"، المذاهب الإسلامية "٨١ وما بعدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>