للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأدناها من المدينة على أربعة أميال وأبعدها من جهة نجد ثمانية، والنسبة إليها عالي على القياس، ويقال أيضًا: علوي بالضم، وهي نادرة على غير قياس"١.

وعرفت هذه العربية العالية بالعربية المبينة، دعيت بذلك، لأن "إسماعيل" أول من فتق لسانه بها، فأبان وأفصح٢، وأرى أنها إنما نعتت بذلك، من القرآن الكريم، ففيه {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} ٣، و {هَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ} ٤.

وقصد العلماء من قولهم: "ليست بالعالية"، بمعنى ليست بفصيحة، ولم يقصدوا النسبة إلى "العالية" التي هي الأرض المذكورة. غير أننا نجدهم أحيانًا يقصدون بها أهل العالية، فنرى "الطبري" يذكر في تفسيره في قراءة "فيسحتكم": "والقول في ذلك عندنا أنهما قراءتان مشهورتان ولغتان معروفتان بمعنى واحد، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب. غير أن الفتح فيها أعجب إليّ، لأنها لغة أهل العالية وهي أفصح، والأخرى وهي الضم في نجد"٥. والعالية ما فوق أرض نجد إلى أرض تهامة وإلى ما وراء مكة. وهي الحجاز وما والاها "وقيل: عالية الحجاز أعلاها بلدًا وأشرفها موضعًا، وهي بلاد واسعة، والمسمى بالعالية قرى بظاهر المدينة المشرفة، وهي العوالي". "وعليا مضر بالضم أعلاها، وقيل: قريش وقيس، وما عداهم سفلى مضر"٦.

ونجد علماء العربية يستعملون مصطلح: "وليس بالعالي"، أو "ليس في اللغة العالية"، و"الفصيح"، أو"والفصحاء يقولون"٧، في تقييم الكلم، كما استعملوا: "وليس بالمعروف"، أو"والأول أعلى"، و"لغة مجهولة"، أو "متروكة"، أو و"يحتمل أن يكون من أمثلة المنكر"، و"كلام قديم قد ترك"، و"وهذا لا يعرف في أصل اللغة، أو و"المعروف"٨، وأمثال ذلك من مصطلحات للتعبير عن درجة الكلمة ومكانتها


١ تاج العروس "١٠/ ٢٥٠"، "علا".
٢ المزهر "١/ ٨١".
٣ الشعراء، الرقم ٢٦، الآية١٩٥.
٤ النحل، الرقم١٦، الآية١٠٣.
٥ تفسير الطبري "١٦/ ١٣٦".
٦ تاج العروس "١٠/ ٢٥٠ وما بعدها"، "علو".
٧ المزهر "١/ ٢١٥ وما بعدها".
٨ المزهر "١/ ٢١٤ وما بعدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>