للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكناية عن الشيء والعريض بذكره، والعدول عن الإفصاح عنه. قيل: تكلمت "

هند بنت أسماء بن خارجة"، أخت الشاعر المذكور فلحنت، وهي عند الحجاج، فقال لها: أتلحنين وأنت شريفة في بيت قيس؟! فقالت: أما سمعت قول أخي مالك لامرأته الأنصارية؟ قال: وما هو؟ قالت: قال:

منطق صائب وتلحن أحيا ... نًا وخير الحديث ما كان لحنًا

فقال لها الحجاج: إنما عني أخوك اللحن في القول، إذا كَنَّى المحدث عما يريد، ولم يعن اللحن في العربية، فأصلحي لسانك. غير أن منهم من رأى أن المراد بهذا اللحن، اللحن المخالف لصواب الإعراب١.

وقد ذكر "السهيلي"، أن الجاحظ قد أخطأ حين قال في كتابه "البيان والتبيين"، أن الشاعر لم يقصد اللحن الذي هو الخطأ في الكلام وإنما أراد استملاح اللحن من بعض نسائه، وخطَّأه في هذا التأويل٢، قال: فلما حدث الجاحظ بحديث "الحجاج"، "قال: لو كان بلغني هذا قبل أن أُؤَلف كتاب البيان، ما قلت في ذلك ما قلت! فقال له: أفلا تغيره؟ فقال: كيف وقد سارت به البغال الشهب، وانجدَّ في البلاد وغار". و"قال السيرافي: ما عرفت حقيقة معنى النحو إلا من معنى اللحن الذي هو ضده، فإن اللحن عدول عن طريق الصواب، والنحو قصد إلى الصواب"٣.

وذكروا أن بعض شعراء الدولة الأموية كان يلحن، وممن وقع منه اللحن "الفرزدق". رووا أن "عبد الله بن يزيد الحضرمي" البصري، كان ينتقده ويتعقب لحنه، فهجاه الفرزدق، بقوله:

فلو كان عبد الله مولى هجوته ... ولكن عبد الله مولى المواليا

فقال له الحضرمي: لحنت. ينبغي أن تقول مولى موالٍ٤.


١ أمالي المرتضى "١/ ١٥". الأمالي، للقالي "١/ ٥".
٢ البيان والتبيين "١/ ١٤٧".
٣ الروض الأنف "٢/ ١٩٠".
٤ الرافعي "١/ ٢٥٦".

<<  <  ج: ص:  >  >>