للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طبيعة الامتزاج بين العقليتين والتطور الاجتماعي الجديد الذي ظهر في المجتمع الجديد، مجتمع العرب والموالي.

ولعلماء الشعر آراء في الشعر الجاهلي وفي شعراء الجاهلية، وفي شعرهم وفي الاستشهاد بالشعر الجاهلي. ولهم آراء في ذلك دونوها في كتبهم. من ذلك أن العرب كانت لا تروي شعر شاعر، أو لا تعجب به إذا كانت ألفاظه ليست نجدية، ذكروا أن "العرب لا تروي شعر أبي داود وعدي بن زيد. وذلك لأن ألفاظهما ليست بنجدية"١. وذكروا عن شعر عدي بن زيد العبادي، أن "العرب لا تروي شعره، لأن ألفاظه ليست بنجدية. وكان نصرانيًّا من عباد الحيرة قد قرأ الكتب"٢. وقالوا عنه أيضًا "وكان يسكن بالحيرة، ويدخل الأرياف، فثقل لسانه، واحتمل عنه شيء كثير جدًّا، وعلماؤنا لا يرون شعره حجة"٣.

وجزالة الألفاظ وشدة وقعها على الأسماع وغرابتها، هي من أهم المعايير التي اتخذها علماء الشعر في تقدير قيم الشعر الجاهلي، والقصيدة الجيدة الحسنة هي القصيدة الجزلة الفخمة الألفاظ التي لا تتسم بالسهولة واللِّيونة، والتي لا تفهم إلا بالرجوع إلى الشروح والتعليقات والإيماءات والإشارات. ومن هنا فَوَّقُوا شعر الأعراب على شعر الحضر، لوجود لين في شعر أهل المدر، ولسهولته، ومن هنا قالوا: إن في شعر قريش لينًا وسهولة، وفي شعر أهل الحيرة وأهل القرى مثل ذلك.

وقد تعرض ابن رشيق لموضوع الشعر الجاهلي القديم والشعر الإسلامي المحدث، فقال: "إنما مثل القدماء والمحدثين كمثل رجلين ابتدأا: هذا بناه فأحكمه وأتقنه، ثم أتى الآخر فنقشه وزينه فالكلفة ظاهرة على هذا وأن حسن، والقدرة ظاهرة على ذلك وإن خشن"٤.


١ الشعر والشعراء "١٢١".
٢ الشعر والشعراء "١١٥"، الأغاني "١٥/ ٩٣".
٣ الشعر والشعراء "١١١".
٤ العمدة "١/ ٥٧".

<<  <  ج: ص:  >  >>