للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان الأعشى في أول أرض اليمن يريد الذهاب إلى قيس بن معديكرب بحضرموت، فضل طريقه، فابصر هذا الخباء، فذهب إليه، وسأله الشيخ أن ينشده شعرًا، فكان إذا تلا عليه مطلع القصيدة أوقفه، واستدعى جارية من جواريه لتتلو عليه بقية القصيدة، حتى سُقِط في يدي الأعشى وتحيَّر، واغتشته رعدة، فلما رأى الشيخ ما حلَّ به، قال: "ليفرج روعك أبا بصير، أنا هاجسك مسحل بن أوثاثة الذي ألقي على لسانك الشعر". ثم ودَّعه وأرشده الطريق١.

وكان للأعشى شيطان، اسمه جهنَّام، وهو تابعة، أي شيطانة أنثى. وكان لقب عمرو بن قطن من بني سعد بن قيس بن ثعلبة، وكان يهاجي الأعشى، وقال فيه الأعشى:

دعوت خليلي مسحلا ودعوا له ... جهنام جدعًا للهجين المذلل٢

وقيل إن جهنام كان شيطان الأعشى الأول، ثم اتخذ الأعشى مسحلا بعده ٣.

وزعم أن امرئ القيس كانت له قصائد ومطارحات مع عمرو الجني. وأن اسم شيطان امرئ القيس هو لافظ بن لاحظ. وأن اسم شيطان عبيد بن الأبرص هو هبيد، وهو اسم شيطان بشير بن أبي خازم؟ بشر بن أبي خازم كذلك. وأن اسم شيطان النابغة الذبياني، هو هاذر بن ماهر، وأن اسم شيطان المخبل السعدي، هو عمرو٤.

وقد بقي هذا الاعتقاد في شياطين الشعراء إلى الإسلام، فكان الشيطان الذي يلقي الشعر إلى جرير هو إبليس الأباليس، وكان اسم شيطان الفرزدق عمرًا، واسم شيطان بشار بن برد شنقناق. وكان جني حسان وصاحبه الذي يوحي إليه الشعر من بني شيصبان، "وكانت الشعراء تزعم أن الشياطين تلقي على أفواهها الشعر، وتلقنها إياه، وتعينها عليه، وتدعي أن


١ السيوطي، شرح شواهد "٢/ ٩٦٨ وما بعدها".
٢ تاج العروس "٨/ ٢٣٥"، "جهنام".
٣ الرافعي، تأريخ آداب العرب "٣/ ٥٠".
٤ الرافعي، تأريخ آداب العرب "٣/ ٥١". الشنقيطي، شرح المعلقات العشر "٨".

<<  <  ج: ص:  >  >>