للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيما بعد، أن يضع في كل شطر أو بيت عددًا من الكلمات أو المقاطع، يعادل ما يضعه في الشطر أو البيت الثاني منها، ليتولد من ذلك الوزن١.

ويقسم الغربيون الشعر عادة إلى "Epic"، وهو شعر الملاحم، حيث يمتاز بطول قصائده وفخامة أسلوبه، وبقصصه الذي يدور حول أبطال الملحمة والأحداث التي تعرض لها هذا النوع من الشعر. وشعر يقال له "Dramatic"، وهو شعر مسرحي، أي تمثيلي. وشعر يقال له "Lyric"، وهو شعر غنائي. وشعر يقال له "Didactic"، وهو شعر تعليمي، أريد به التعليم ووعظ الإنسان. ونجد النوع الأول منه عند اليونان والرومان والهنود والفرس والألمان وهم من الشعوب الهندو أوروبية، أي الشعوب الآرية.

ولا نجد من شعر الملاحم، ومن شعر "الدراما" في التوراة، ولكننا نجد ما يشبه "الدراما" "Semi Dramatic" في سفر أيوب، ويكثر الشعر الغنائي المعد للترتيل Lyric فيه. ففي كلمات موسى على البحر الأحمر، التي تمثل غناء النصر "Triumphal Odes"، وفي غناء "دبوره" "Deborah"، وفي المزامير، أشعار غنائية معدة للتراتيل٢.

وقد أشير إلى إنشاد الشعر جماعة في التوراة، فلما وصل العبرانيون إلى البئر التي قال الرب فيها لموسى اجمع الشعب حتى أعطيهم ماء، وحينئذ ترنم اسرائيل بهذا النشيد: اصعدي يا بئر تجاوبوا لها. بئر احتفرها الرؤساء، احتفرها أشراف الشعب بمخصرة عصيهم"٣. وقد لازم الترنم الشعر منذ أوائل أيامه، ففي الترنم به تقوية له. وما النغم سوى إيقاع يجعله نوعًا من أنواع الغناء "نوطته" التفعيلات التي تكوِّن بحوره في الأدب العربي. ولهذا نجد الشعر قد رافق الغناء بل هو نوع منه منذ نشأته.

ونجد القديس نيلوس "Nilus" "المتوفى حوالي سنة ٤٣٠م"، يصف غارة بدوية على دير سيناء وقعت سنة ٤١٠م، وتحدث في أثناء حديثه عنها عن إنشاد الأعراب أناشيد بترانيم عندما كانوا يأخذون الماء، وهي ترانيم لم يشر


١ John D. Davis A Dictionaryof the Bible, London, ١٩٥٨, p. ٦١٦.
٢ John D. Davis, A Dictionary of the Bible, p. ٦١٦.
٣ العدد، الإصحاح ٢١، الآية ١٦ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>