للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللهم لولا أنت ما اهتدينا ... ولا تصدقنا ولا صلينا

فأنزلن سكينة علينا ... وثبت الأقدام إن لاقينا

إن الأعداءَ قد بغوا علينا ... إذا أرادوا فتنة أبينا١

ورويت الأبيات بصورة أخرى. فقد رُوي أنه "لما خرج عامر بن الأكوع إلى خيبر جعل يرجز بأصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- يسوق به الركاب، وهو يقول:

تا الله لولا الله ما اهتدينا ... وما تصدقنا ولا صلينا

الكافرون قد بغوا علينا ... إذا أرادوا فتنة أبينا

ونحن عن فضلك ما استغنينا ... فثبت الأقدام إن لاقينا

وأنزلن سكينة علينا٢

وموضوع أصل الرجز إذن موضوع ظهر في الإسلام، لما ورد في الأخبار من ارتجاز الرسول بعض الرجز، ولما ورد في القرآن الكريم وفي الحديث من نفي قول الشعر ونظمه عنه. فرأي فريق من العلماء إخراج الرجز من الشعر، لما بينته من أسباب. ورأي فريق آخر، أن الرجز جزء من الشعر، وأن ارتجاز الرسول الرجز، لا يتعارض مع ما جاء في القرآن الكريم، لأن الرسول لم يتدرب عليه ولم يتعلمه ولم ينشأ منه أراجيز، وإنما ارتجز منه قليلا من غير قصد ولا عمد، ولا علاقة لذلك بالانكباب على تعلم الشعر والتخصص به. والدليل على أن الرجز نوع من أنواع الشعر، هو ما يرويه أهل الأخبار أنفسهم من أن قريشًا اجتمعوا إلى الوليد بن المغيرة وكان ذا سن فيهم، ليتدبروا أمر الناس إذا حضر الموسم، ولإيجاد جواب موحد لهم في أمر القرآن وفيما يجب قوله فيه. فلما قالوا هل: نقول إنه قول كاهن، قال: والله ما هو بكاهن، لقد رأينا الكهان فما هو بزمزمة الكاهن ولا سجعه. قالوا: فنقول مجنون. قال: ما هو بمجنون لقد رأينا الجنون وعرفناه فما هو بخنقه ولا تخالجه ولا وسوسته. قالوا: فنقول شاعر، قال: ما هو بشاعر، لقد عرفنا الشعر كله رجزه وهزجه وقريضه


١ إرشاد الساري "٥/ ١٥٧"، السيوطي، شرح شواهد "١/ ٢٨٦ وما بعدها".
٢ السيوطي، شرح شواهد "١/ ٢٨٧".

<<  <  ج: ص:  >  >>