للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على الكوفة أن استنشد من قبلك من الشعراء عما قالوه في الإسلام مكان الشعر، فكتب بذلك إلى عمر فكتب إليه أن أنقص من عطاء الأغلب خمسمائة فزدها في عطاء لبيد١.

وروي أن العجاج، وهو عبد الله بن رؤبة بن لبيد بن صخر بن كثيف بن عمرو أبو الشعثاء التميمي، والد الشاعر رؤبة، هو أول من رفع الرجز وشبهه بالقصيد، وجعل له أوائل٢. وهو من شعراء الإسلام، وكان يفد على ملوك بني أمية من أمثال الوليد بن عبد الملك٣، وسليمان بن عبد الملك٤.

وهو قليل الورود في شعر الشعراء الجاهليين، فقلما استعمل "نوابغ الشعراء في زمان الجاهلية" الرجز، كأنه ليس أهلا لمنزلتهم. ففي ديوان امرئ القيس لا نعثر إلا على أربع مقطعات صغيرة منه. أعني اثنتين من المشطور واثنتين من غير المشطور. وأكثر من امرئ القيس ارتجازًا لبيد بن ربيعة من الذين أدركوا الإسلام تنسب إليه خمس عشرة مقطعة في الرجز المشطور، تدور على المفاخرة والحكمة والمعاتبة والمديح والرثاء، وتشتمل إحداهما وهي أطولها على ستة عشر بيتًا.

أما دواوين النابغة الذبياني، وزهير بن أبي سلمى، وعنترة بن شداد، وطرفة بن العبد، وعلقمة الفحل، فلا شيء فيها من الرجز. وعلى كل حال لم يكن الارتجاز في زمان الجاهلية إلا بصفة قطع صغيرة يقولها الناس غالبًا في الهجاء أو في الحرب وعند اللقاء. أما في القرن الأول للهجرة، فأخذ بعض الشعراء من الفحول ينظمون الشعر في ذلك البحر المحتقر فإلى هذا التغير أشار ابن رشيق القيرواني في كتاب العمدة حين قال: قال أبو عبيدة إنما كان الشاعر يقول من الرجز البيتين والثلاثة ونحو ذلك إذا حارب أو شاتم أو فاخر حتى كان العجاج أول من أطاله وقصده ونسب فيه وذكر الديار واستوقف الركاب عليها ووصف ما فيها


١ المؤتلف والمختلف "٢٢"، طبقات الشعراء "١٤٨ وما بعدها"، الأغاني "١٨/ ١٦٤ وما بعدها"، بروكلمن، تأريخ الأدب العربي "١/ ٢٢٥"، الشعر والشعراء "٢/ ٥١١"، الإصابة "١/ ٧١"، "رقم ٢٢٥"، الخزانة "١/ ٢٢٣"، أسد الغابة "١/ ١٠٥".
٢ السيوطي، شرح شواهد "١/ ٤٩".
٣ بروكلمن "١/ ٢٢٦".
٤ الشِّعْرُ والشُّعَرَاء "٢/ ٤٩٣".

<<  <  ج: ص:  >  >>