للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو استعرضنا رأي الشعراء في أشعر الشعراء، وجدناه غير متفق، فقد يفضل شاعرٌ شاعرًا، وقد يخالفه فيه شاعر آخر، وقد ينسب لشاعر رأي، ثم ينسب له رأي مخالف. سئل "لبيد": "من أشعر الناس؟ قال: الملك الضليل، قيل: ثم من؟ قال: الشاب القتيل، قيل: ثم من؟ قال: الشيخ أبو عقيل -يعني نفسه". و"روى الجمحي أن سائلا سأل الفرزدق: من أشعر الناس؟ قال: ذو القروح، قال: حين يقول ماذا؟ قال: حين يقول:

وقاهم حدهم ببني أبيهم ... وبالأشقين ما كان العقاب

وأما دعبل فقدمه بقوله في وصف عقاب:

ويلمَّها من هواء الجو طالبةً ... ولا كهذا الذي في الأرض مطلوب

وهذا عنده أشعر بيت قالته العرب"٢.

وقد سئل الفرزدق مرة: "من أشعر العرب؟ فقال: بشر بن أبي خازم، قال: بماذا؟ قال: بقوله:

ثوى في ملحدٍ لا بدَّ منه ... كفى بالموت نأيًا واغترابا

ثم سئل جرير فقال: بشر بن أبي خازم قال: بماذا؟ قال بقوله

رهينُ بِلَى، وكلُّ فتى سيبلى ... فَشُقِّي الجيب وانتحبي انتحابا

فاتفقا على بشر بن أبي خازم كما ترى"٣. وقد رأيت أن الفرزدق كان قد سئل السؤال نفسه: من أشعر الناس؟ فأجاب: ذو القروح، أي امرئ القيس. بسبب بيت فوَّقه به على غيره من الشعراء. بينما هو يقدم بشر بن أبي خازم في هذه الرواية. وينسب أهل الأخبار لجرير رواية أخرى تزعم أنه سئل من أشعر الناس، فقال: النابغة٤. فخالفت هذه الرواية ما جاء في الرواية الأخرى.


١ العمدة "١/ ٩٥"، المزهر "٢/ ٤٧٩"، ابن سلام، طبقات "١٦".
٢ العمدة "١/ ٩٥"، ابن سلام، طبقات "١٦"، المزهر "٢/ ٤٨١".
٣ العمدة "١/ ٩٦".
٤ العمدة "١/ ٩٧".

<<  <  ج: ص:  >  >>