للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تنفيه روايات تزعم أن الجاهليين كانوا يدونون أشعارهم، فقد روي أن النعمان بن المنذر، أمر "فنسخت له أشعار العرب في الطنوج وهي الكراريس، ثم دفنها في قصره الأبيض، فلما كان المختار بن عبيد الثقفي، قيل له: إن تحت القصر كنزًَا، فاحتفره، فأخرج تلك الأشعار، فمن ثم أهل الكوفة أعلم بالشعر من أهل البصرة"١. وروايات تذكر أنه "قد كان عند آل النعمان بن المنذر ديوان فيه أشعار الفحول، وما مدح به هو وأهل بيته، فصار ذلك إلى بني مروان أو ما صار منه"٢. وروايات تقول إن العرب كانت شديدة العناية بشعرها، مبالغة في المحافظة على الجيد منه، فأمرت بكتابتها بماء الذهب على القباطي وبتعليقها على الكعبة، إعجابًا بها وإشادة بذكرها. وقد عرفت تلك القصائد بالمذهبات وبالمعلقات وبالسموط٣. وروايات تذكر أن الملك كان إذا استجديت قصيدة يقول: "علقوا لنا هذه لتكون في خزانته"٤.

وتنفيه أيضًا روايات أخرى تفيد أن بعض الشعراء الجاهليين كانوا يقرءون ويكتبون، كالذي جاء عن عدي بن زيد العبادي، عن المرقش الأكبر، من أنه كان قد تعلم الكتابة من رجل من أهل الحيرة، فصار يكتب أشعاره، وكالذي يظهر من بيت لابن مقبل يفيد أن عرب أواسط جزيرة العرب كانوا يدونون أشعار الشعراء٥. وقد ذكر أن سعد بن مالك والد المرقش، أرسله وأخاه إلى رجل من أهل الحيرة فعلمهما الكتابة٦. وروي أنه كان يكتب بالحميرية٧، فلا يعقل إذن أن يدون أمثال هؤلاء الشعراء الكتاب القراء شعرهم، أو بعض شعرهم المستجاد على الأقل!

وتنفيه الرواية القائلة إن لقيط بن يعمر الإيادي، كتب قصيدة وأرسلها


١ المزهر "١/ ٢٤٩"، "النوع الخامس عشر. معرفة المفاريد"، ابن جني، الخصائص "١/ ٣٩٢ وما بعدها"، تاج العروس "٢/ ٧٠"، "الطنوج"،
٢ المزهر "٢/ ٤٧٤"، "ذهاب الشعر وسقوطه"، تاج العروس "٢/ ٧٠"، الجمحي طبقات "١٠".
٣ المزهر "٢/ ٤٨٠"، "مشاهير الشعراء".
٤ المزهر "٢/ ٤٨٠"، "مشاهير الشعراء"، العمدة، لابن رشيق "١/ ٩٦".
٥ جواد على، تأريخ العرب قبل الإسلام "١/ ١٣"، مجلة المجمع العلمي العراقي "المجلد الرابع، الجزء الثاني"، "١٩٥٦م"، "ص٥٢٢".
٦ الأغاني "٦/ ١٣٠"، المفضليات "٤٥٩ وما بعدها".
٧ الشعر والشعراء "١/ ١٣٩".

<<  <  ج: ص:  >  >>