للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأئمة الحديث، حتى قال الإمام أحمد بن حنبل: من يعرى من الخطأ والتصحيف؟!

قال ابن دُرَيد: صحف الخليل بن أحمد، فقال: يوم بغاث بالغين المعجمة، وإنما هو بالمهملة. أورده ابن الجوزي. وهو شيء لا يمكن وقوعه من الخليل، صاحب العلم الغزير بأحوال العرب، وقد يكون من فعل النساخ، إن صح كلام ابن الجوزي، فنسب التصحيف إلى الخليل.

وسببه الخط، أما لتشابه الحروف، وإما بسبب عدم وجود الحركات، فمن النوع الأول حديث ينسب إلى الرسول هو: "تسمعون جرش طير الجنة"، وكان الأصمعي قد سمعه في مجلس شعبة، فقال: "جرس" بالسين لا بالشين٢. ومن هذا القبيل: ما وقع من تصحيف في شعر للحطيئة هو قوله:

وغررتني وزعمت أنك لابن بالصيف تامر

أي كثير اللبن والتمر، وقد قرأ:

وغررتني وزعمت أنك لا تني بالضيف تامر

أي لا تتوانى عن ضيفك بتعديل القرى إليه.

ومثل ذلك تصحيف الأصمعي في بيت لأوس:

يا عام لو صادفت أرماحنا ... لكان مثوى خدك الأخرما

فقرأه "الأحزما"، وإنما هو "الأخرما" بالراء، وهو طرف أسفل الكتف٣.

ومن ذلك ما وقع بين الأصمعي والمفضل عند عيسى بن جعفر، فقد ناظر المفضل الأصمعي، بأن أنشد بيت أوس بن حجر:

وذات هدم عار نواشرها ... تصمت بالماء تولبًا جذعا

فقال له الأصمعي: "هذا تصحيف، لا يوصف التولب بالإجذاع، وإنما


١ الْمُزْهِرُ "٢/ ٣٥٣ وما بعدها".
٢ الْمُزْهِرُ "٢/ ٣٥٤".
٣ الْمُزْهِرُ "٢/ ٣٥٥".

<<  <  ج: ص:  >  >>