للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو جدعا. الجدع: السيِّئ الغذاء، قال: فجعل المفضل يشغب، فقلت له: تكلم كلام النمل وأصب. لو نفخت في شبور يهودي ما نفعك شيئًا"١.

وقرئ يومًا على الأصمعي في شعر أبي ذؤيب:

فقال أعرابي حضر المجلس للقارئ ضل ضلالك أيها القارئ! إنما هي ذات الدبر، وهي ثنيةٌ عندنا، فأخذ الأصمعي بذلك فيما بعد٢.

وقد أوردت الكتب أمثلة كثيرة على التصحيف، وقع فيه كثير من العلماء، من ذلك ما وقع لأبي عمرو وللأصمعي، ولأبي حاتم ولكبار علماء اللغة، ويعود سببه إلى التنقيط، فالحروف مثل الجيم، والحاء، والخاء، تميز بينها النقط، فإذا أخطأ الكاتب في وضع النقطة في محلها، وقع التصحيف. وقد يقع، ولا يقع خلل في القراءة، وإنما يتبدل المعنى، دون أن يشعر القارئ بوجود ارتباك في معنى المقروء، وقد يقع في الأعلام من أسماء الرجال والنساء والأمكنة، وقد وقع التَّصحيف في الكتب بسبب السهو في النسخ، أو جهل النُّسَّاخ، ومن ذلك ما وقع في كتاب "العين" وفي كتب لُغوية وأدبية ثمينة، أمكن رد بعضه إلى الصحيح، ولم يمكن تصحيح بعض آخر، لصعوبة تعيين المراد٣.

وقد روى العسكري قصة طريفة على التَّصحيف والتَّحْريف، ذكر أنه "كان حيان بن بشر قد ولي قضاء بغداد، وكان من جملة أصحاب الحديث فروى يوما أن عرفجة قطع أنفه يوم الكلاب، فقال له مستمليه: أيها القاضي، أنما هو يوم الكلام، فأمر بحبسه، فدخل إليه الناس، فقالوا: ما دهاك؟ قال: قطع أنف عرفجة في الجاهلية، وابتليت به أنا في الإسلام"٤.


١ مجالس العلماء، للزجاجي "١٤"، العسكري، التصحيف والتحريف "١٠٤"، الفاضل والمفضول "٨٢"، المصون "١٩٢"، الحيوان "٤/ ٢٥"، إنباه الرواة "٣/ ٣٠٢".
٢ الشِّعْرُ والشُّعَرَاءُ "١/ ٢٧".
٣ الْمُزْهِرُ "٢/ ٣٥٣ وما بعدها"، النوع الثالث والأربعون، معرفة التصحيف والتحريف".
٤ الْمُزْهِرُ "٢/ ٣٥٣".

<<  <  ج: ص:  >  >>