للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شعر طبقة من الطبقات الاجتماعية، كما عنوا بالاختيارات وغير ذلك١.

وقد أخذ بعض رواة الشعر الجاهلي من منابعه، أي من القبائل، "قال أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب: دخل أبو عمرو إسحاق بن مرار البادية ومعه دستيجان من حبر، فما خرج حتى أفناهما يكتب سماعه عن العرب"٢. وأبو عمرو هذا، هو أبو عمرو الشيباني.

وقد أشار ابن النَّدِيم والعلماء الذين عنوا بالشعر إلى أسماء نفر من العلماء عنوا واشتغلوا بجمع الشعر، وذكروا أسماء كتبهم واختياراتهم. وقد وصل إلينا بعض ما اشتغلوا فيه وجمعوه، فطبع، ومنه ما لا زال مخطوطًا محفوظًا في خزائن الكتب. وهو معروف يعرف الناس المواضع التي يوجد فيها، وقد يهيأ له من يقوم بطبعه وتيسيره بذلك للناس، غير أننا لا نزال نجهل مصير عدد كبير من الدواوين والأشعار والاختيارات التي ذكر ابن النَّدِيم وغيره أسماءها مع أسماء جامعيها، لا ندري إذا كانت اليوم في خزائن الكتب لا يعرف الناس من أمرها شيئًا، لعدم إحاطة المسئولين بأمر تلك الخزائن العلم بها، أو أنها عند أسر لا تعرف من أمرها المخطوطات شيئًا، لجهلها بها وبالعلم، أو أنها تلفت وولت لعوامل عديدة، فلا أمل إذن من بعثها ونشرها.

وقد تحرش الجاحظ بنموذج من رواة الشعر بالبصرة، فقال: "وقد أدركت رواة المسجديين والمربديين ومن لم يروِ أشعار المجانين ولصوص الأعراب، ونسيب الأعراب، والأرجاز الأعرابية القصار، وأشعار اليهود، والأشعار المنصفة، فإنهم كانوا لا يعدونه من الرواة. ثم استبردوا ذلك كله ووقفوا على قصار الحديث والقصائد، والفقر والنتف من كل شيء. ولقد شهدتم وما هم على شيء أحرص منهم على نسيب العباس بن الأحنف، فما هو إلا أن أورد عليهم خلف الأحمر نسيب الأعراب، فصار زهدهم في شعر العباس بقدر رغبتهم في نسيب الأعراب. ثم رأيتهم منذ سنيات، وما يروى عندهم نسيب الأعراب إلا حدث السن قد ابتدأ في طلب الشعر، أو فتياني متغزل.

وقد جلست إلى أبي عبيدة، والأصمعي، ويحيى بن المنجم، وأبي مالك


١ بروكلمن، تأريخ الأدب العربي "١/ ٦٧".
٢ نزهة الألباء "ص٦١ وما بعدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>