للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنهم من صيرها مائة وعشرين١.

وأما جناد أبو محمد بن واصل الكوفي مولى بني أسد، فقد كان على حد وصف ابن النديم: "أعلم الناس بأشعار العرب وأيامها"، غير أنه "لم يكن له علم بالنحو"، و"كان يلحن كثيرًا"٢. وهو يعد من الكوفيين، وقد ذكروا أنه كثير الحفظ في قياس حماد الراوية، وأن أهل الكوفة كانوا يلجئون إليه حين يشُكُّون في شعر وحين يعزب عنهم اسم شاعر فيجدونه حافظًا وبما أرادوه عارفًا. غير أنهم مجمعون على أنه كان لحانًا، كثير اللحن جدًّا، فوق لحن حماد. وقد ذكروا أمثلة على لحنه، وعلى عدم وقوفه على العروض، فكان يخطئ فيه ويخلط في الأشعار٣. وممن كان ينتقض علمه ويرى قلة بضاعته في العربية وفي الشعر أيضًا يونس بن حبيب "١٨٣هـ" وهو كما رأينا من المتحاملين أيضًا على حماد، ومن المتعصبين للبصرة على الكوفة. ولهذا يكون لتحامله على جناد أثر من التعصب للبصريين.

وقد أخذ الثوري على أهل الكوفة روايتهم عن حماد، وجنَّاد واتِّكالهم عليهما، وهما رجلان "كانا يرويان ولا يدريان، كثرت رواياتهما، وقل علمهما"، ومن ثم فسدت روايتهم عن الرجلين. غير أن علينا أن نكون حذرين في تقبل هذه المؤاخذة على الكوفيين في رواية الشعر، فقد كان الثوري من جماعة الأصمعي حتى كان ينسب إليه. وكان الأصمعي يحمل على حماد، وعلى أهل الكوفة، لأنه كان بصريًّا، فلا يستبعد تحمل التلميذ لأستاذه، وتأثره به، فقال ما قال جناد وحماد بِدَاعي العاطفة والتعصب للبصريين على الكوفيين.

وقد أشرت إلى ورود رواية تنسب إلى ثعلب ذكرت أن الوليد بن يزيد بن عبد الملك "جمع ديوان العرب وأشعارها وأخبارها ولغاتها ... ورد الديوان إلى حماد وجناد"٤ مما يدل وجود ديوان للشعر عند جناد لعله كان من جمعه.


١ الفِهْرِسْت "١٠٨"، ذيل الأمالي "١٣٠".
٢ "من رواة الأخبار والأشعار، لا علم له بالعربية، وكان يصحف ويكسر الشعر، ولا يميز بين الأعاريض المختلفة، فيخلط بعضها ببعض، ياقوت، إرشاد "٢/ ٤٢٥".
٣ الإرشاد "٢/ ٤٢٥"، الفِهْرِسْت "١٤١".
٤ الفِهْرِسْت "١٤٠"، "أَخْبَارُ عوانة".

<<  <  ج: ص:  >  >>