للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إني، وإن قلّ مالي لا يفارقني ... مثل النعامة في أوصالها طول

أو قارح في الغرابيات ذو نسب ... وفي الجراء مسح الشد إجفيل

إن النساء كأشجار نبتن معا ... منها المرار، وبعض النبت مأكولا

إن النساء متى ينهينَ عن خلقٍ ... فإنه واجبٌ لا بد مفعول

لا ينصرفن لرشدٍ إن دعين له ... وهن بعد ملائيم مخاذيل١

ومن شعره:

وللخيل أيامٌ فمن يصطبر لها ... ويعرف لها أيامها الخير تعقب

وقد شرح ديوانه يعقوب بن السِّكِّيت، وقد رجع إليه البغدادي٢.

وقد قسم ابن رشيق الشعر إلى مطبوع ومصنوع. والمطبوع هو الأصل الذي وضع أولا، وعليه المدار. والمصنوع وإن وقع عليه هذا الاسم، فليس متكلفًا تكلف أشعار المولدين، لكن وقع فيه هذا النوع الذي سموه صنعة من غير قصد ولا تمثل، لكن بطباع القوم عفوًا فاستحسنوه ومالوا إليه بعض الميل، بعد أن عرفوا وجه اختياره على غيره، حتى صنع زهير الحوليات على وجه التنقيح والتثقيف يصنع القصيدة، ثم يكرر نظره فيها خوفًا من التعقب، بعد أن يكون قد فرغ من عملها في ساعة أو ليلة، وربما رصد أوقات نشاطه فتباطأ عمله لذلك، والعرب لا ينظر في أعطاف شعرها بأن تجنس أو تطابق أو تقابل، فتترك لفظة للفظة، أو معنى لمعنى، كما يفعل المحدثون، ولكن نظرها في فصاحة الكلام وجزالته، وبسط المعنى وإبرازه، وإتقان بنية الشعر، وإحكام عقد القوافي، وتلاحم الكلم بعضه ببعض حتى عدّوا من فضل صنعة الحطيئة حسن نسقه الكلام بعضه على بعض"٣.

ولم يعب علماء الشعر الشعر المنمق المحكك، إذا لم تؤثر فيه الكلفة، ولم يظهر عليه التعمل، ولم يخرج عن حدود الطبع. ومن هنا قال بعض الحذاق بالكلام:

"قل من الشعر ما يخدمك، ولا تقل منه ما تخدمه. وهذا هو معنى قول


١ الشِّعْرُ والشُّعَرَاءُ "١/ ٣٦٤ وما بعدها".
٢ الخزانة "٣/ ٦٤٢".
٣ العمدة "١/ ١٢٩"، "باب في المطبوع والمصنوع".

<<  <  ج: ص:  >  >>