للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاطلبوه في الشعر فإنه ديوان العرب"١. إذا صح أن هذا الكلام الذي رواه عكرمة عن عبد الله بن عباس هو من كلامه نكون قد حصلنا لأول مرة على لفظة "الديوان"، بالمعنى المفهوم من اللفظة في عرف علماء الشعر والناس. وذكر أن لفظة الديوان قد وردت في حديث: "لا يجمعهم ديوان حافظ"٢. وإذ صح هذا الحديث وثبت، يكون ورود اللفظة فيه قبل ورودها في كلام ابن عباس، ومعنى هذا أنها كانت معروفة عند أهل الجاهلية، غير أن ورودها في هذا الحديث لا يعني ديوان شعر، وإنما الجمع والإحصاء، وبمعنى كتاب وسجل تدون فيه الأشياء.

وروي أيضًا أن الخليفة عمر سأل الصحابة عن هذه الآية: {أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَحِيمٌ} ٣، فخاضوا في معناها، فخرج رجل ممن كان حاضرًا فلقي أعرابيًّا، فقال التخوف: التنقص، وكان ذلك الأعرابي من هذيل، فقال له: هل تعرف العرب ذلك في أشعارها؟ قال: نعم قال شاعرنا أبو كبير الهذلي:

تخوف الرحل منها تامكًا قردًا ... كما تخوف عود النبعة السفن

فقال عمر: أيها الناس عليكم بديوانكم لا تضلوا. قالوا: وما ديواننا؟ قال: شعر الجاهلية، فإن فيه تفسير كتابكم ومعاني كلامكم٤.

ويقال لمجموع الشعر المدون في دفتر أو كتاب "ديوان الشعر". فيقال "ديوان الشاعر" و"دواوين الشعراء"، و"ديوان فلان"، و"ديوان طيء"، و"ديوان الأنصار"، و"ديوان الشعراء الجاهليين"، إلى غير


١ "وأخرج أبو بكر الأنباري في كتاب الوقف من طريق عكرمة عن ابن عباس قال: إذا سألتم عن شيء من غريب القرآن فالتمسوه في الشعر، فإن الشعر ديوان العرب، المُزْهِر "٢/ ٣٠٢"، "٢/ ٤٧٠"، الأخبار الطوال "٣٣٢"، "إذا قرأتم شيئًا من كتاب الله فلم تعرفوه، فاطلبوه في أشعار العرب فإن الشعر ديوان العرب، وكان إذا سئل عن شيء من القرآن أنشد فيه شعرا"، العمدة "١/ ٣٠"، تاجُ العَروسِِ "٩/ ٢٠٤"، "دون".
٣ [النحل الآية: ٤٦] .
٤ تفسير الطبري "١٤/ ٧٧"، تفسير النيسابوري، "١٤/ ٧٠ وما بعدها"، وورد فيه أن اسم الشاعر: زهير.

<<  <  ج: ص:  >  >>