للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك. ويقصدون بذلك مجموعة أشعار جمعت في مجموع. وذكر بعض علماء اللغة أن الديوانَ الدفتر، ثم قيل لكل كتاب، وقد يخص بشعر شاعر معين مجازًا حتى جاء حقيقة فيه. فمعانيه خمسة: الكتبة ومحلهم والدفتر وكل كتاب ومجموع الشعر". والديوان في الأصل الكتاب يكتب فيه أهل الجيش وأهل العطية. وأول من وضعه عمر، ويرى علماء اللغة أن اللفظة من الألفاظ المعربة عن الفارسية، وأن كسرى كان قد رتب الدواوين لكتّابه ولمعاملاتهم، فلما جاء الإسلام، وظهرت الحاجة إلى تنظيم العمل. أمر الخليفة عمر باتخاذ الدواوين١.

وإذا حملنا قول أهل الأخبار أنه قد كان عند النعمان بن المنذر "ديوان فيه أشعار الفحول وما مدح به هو وأهل بيته"٢، وقولهم إن النعمان ملك العرب كان قد أمر فنسخت له أشعار العرب في الطنوج، وهي الكراريس، ثم دفنها في قصره الأبيض، فلما كان المختار بن أبي عبيد، قيل له: إن تحت القصر كنزًا، فاحتفره، فأخرج تلك الأشعار٣، على محمل الأخبار التي ظهرت في أيام الأمويين، التي صنعها وروَّجها بين الرواة حماد الرَّاوية وأضرابه فإننا نثبت بذلك وجود الدواوين بالمعنى المفهوم من الديوان في أيام حماد، وقبل أيامه. ولدينا أخبار أخرى تفيد أن الدواوين قد عرفت قبل أيام حماد.

ويظهر من قول ابن سلام: "وكان الشعر في الجاهلية ديوان علمهم ومنتهى حكمهم، به يأخذون وإليه يصيرون. وقال ابن عوف عن ابن سيرين، قال: قال عمر بن الخطّاب: كان الشعر علم قوم لم يكن لهم علم أصح منه، فجاء الإسلام فتشاغلت عنه العرب وتشاغلوا بالجهاد وغزوا فارس والروم، ولهيت عن الشعر وروايته، فلما كثر الإسلام، وجاءت الفتوح واطمأنت العرب بالأمصار، راجعوا رواية الشعر، فلم يئلوا إلى ديوان مدوّن، ولا كتاب مكتوب ... "٤ أن الدواوين لم تكن موجودة، وأن الشعر لم يكن مكتوبًا في صدر الإسلام، ولهذا ضاع أكثر الشعر الجاهلي بسبب انهماك حفَّاظه في الحروب


١ تاجُ العَروسِِ "٩/ ٢٠٤"، "دون "، غرائب اللغة "٢٢٩".
٢ طبقات الشعراء "١٠"، المُزْهِر "٢/ ٤٧٤".
٣ الخصائص "١/ ٣٩٣"، تاجُ العَروسِِ "٢/ ٧٠"، "طنج"، اللسان "٣/ ١٤٢". "طنج".
٤ ابن سلام، طبقات "١٠".

<<  <  ج: ص:  >  >>