للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الديوان إلى حماد وجنّاد"١، فيكون معنى ذلك، أنه قد كان عند حماد وجناد ديوانان أو دواوين للشعر، استعارهما منهما الوليد، وجمع منهما ديوان العرب وأشعارهم، ثم أعاد الديوانين إلى صاحبيهما، وتكون بذلك قد وقفنا على وجود لفظة "ديوان" بالمعنى الاصطلاحي المعروف في أيام الأمويين ووثقنا من وجود دواوين الشعر في تلك الأيام.

ولم أجد في الدواوين التي وصلت إلينا في كتب الأدب إشارات إلى اقتباس رواة الشعر وحفظته وجماعه والمعنيين به من هذا الديوان ولا وصفًا لمحتوياته ولما كان بين دفتيه من قصائد وأشعار. ولو وصل إلينا شيء من هذا، لأفادنا ولا شك كثيرًا في التعرف على ذلك الديوان الملكي الذي يجب أن نعده أول ديوان شعر عربي وصل خبره إلينا بكل تأكيد حتى الآن.

ويذكر أن بعض شعراء العصر الأموي كانوا يملكون دواوين شعر لشعراء جاهليين. ذكر مثلا أن الفرزدق كان يمتلك نسخة من ديوان الشاعر زهير بن أبي سلمى"٢.

وقد أطلق القدماء مصطلح "دفاتر أشعار العرب" على مدونات الشعر. والدفتر جماعة الصحف المضمومة٣، وقسم البغدادي هذه الدفاتر إلى قسمين: دواوين ومجاميع. فالدواوين هي دواوين الشعراء، والمجاميع مثل أشعار بني محارب للشيباني والمفضليات للمفضل الضبي وأشعار الهذليين للسكري، وأشعار لصوص العرب للسكري، ومختار شعر الشعراء الست: امرئ القيس، والنابغة، وعلقمة، وزهير، وطرفة، وعنترة وشرحها للأعلم الشنتمري وغيرها٤.

ويظهر أن أول اختبار مدوّن للشعر عند العرب كان القصائد المعروفة بالمعلقات اختارها حماد الراوية، ثم سار من جاء بعده مثل المفضل الضبي، وأبي زيد محمد بن أبي الخطاب القرشي، ثم من جاء بعدهما على منهجه في اختيار وانتقاء الشعر والقصائد وجمعها في مجموعات. وقد ذكر الجمحي أن حمادًا


١ الفِهْرِسْتُ "١٤٠".
٢ بلاشير "١٠٦".
٣ تاجُ العَروسِِ "٣/ ٢٠٩"، "دفتر"، المصون "٤".
٤ خزانة الأدب "١/ ٩ وما بعدها"، "بولاق".

<<  <  ج: ص:  >  >>