للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وموجدوه، أما "اليمن"، فإنهم قد ساهموا فيه أيضًا، حسب زعم أهل الأخبار والأنساب، لكنهم لم يبلغوا فيه مبلغ ربيعة ومضر.

ويزعم أهل الأخبار، أن من شعراء ربيعة: "المهلهل"، والمرقشان، وسعد بن مالك، وطرفة بن العبد، وعمرو بن قميئة، والحارث بن حلزة، والمتلمس، والأعشى، والمسيب بن علس. وأن من شعراء "قيس" النابغتان، وزهير بن أبي سلمى، وابنه كعب، ولبيد، والحطيئة، والشماخ، وأخوه مرزد. وأن من شعراء "تميم" "أوس بن حجر" شاعر مضر في الجاهلية، ولم يتقدم منه أحد منهم، حتى نشأ "النابغة"، و "زهير" فأخملاه، وبقي شاعر "تميم" في الجاهلية غير مدافع١.

ولا يمثل هذا التنقل المزعوم ترتيبًا زمنيًّا، بمعنى أن الشعر بدأ بربيعة أولا، ثم انتقل منها إلى قيس، ثم انتقل بعدها إلى تميم، إذ يتعارض ذلك مع ما يرويه أهل الأخبار وعلماء الشعر من تعاصر أكثر الشعراء، ومن نبوغ معظمهم في وقت واحد، وإنما هو قول من أقوال أهل الأخبار المألوفة، أصله رأي رجل واحد، حمل عنه بالنص بذكر اسمه أحيانًا، وبدون ذكره أحيانًا أخرى، فلما توافر في الكتب، صار في حكم الإجماع، يقال دون نقد ولا مناقشة على هذا اليوم.

وما ذكرته عن تنقل الشعر يمثل رأي الرواة العدنانيين، أما اليمانية، فترى "تقدمة الشعر لليمن: في الجاهلية بامرئ القيس، وفي الإسلام بحسان بن ثابت". "وقال آخرون: بل رجع الشعر إلى ربيعة فختم بها كما بدئ بها"٢. وهو رأي يتعلق بالنسبة إلى النسب الأكبر للقبائل، وترى في الرأيين أثر العصبية للعدنانية أو لليمانية، فقد صعب على القحطانية المناهضة للعدنانية، الاعتراف بالتفوق عليها حتى في الشعر، فزعمت أن الشعر بدأ بها، وأنه كان من مكارمها القديمة، وكل مكرمة إنما بدأت بقحطان، وما عدنان إلا مستعربة أخذت عربيتها من "يعرب بن قحطان"، وهي دون القحطانية في كل شيء.

وحكم مثل هذا لا يمكن إصداره بالطبع إلا بسند علمي، وليس في يد أحد حتى يومنا هذا سند جاهلي، يؤيد رأي هذا أو ذاك، وقد لا يأتي يوم يمكن


١ ابن سلام، طبقات "١٣"، العمدة "١/ ٨٦"، المزهر "٢/ ٤٧٦".
٢ العمدة "١/ ٨٩".

<<  <  ج: ص:  >  >>