للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عشرة آلاف بيت من شعر هذيل بإعرابها وغريبها ومعانيها"١. وقد عدت "هذيل" أشعر القبائل في رأي بعض العلماء٢.

وذكر الأخباريون أن العرب كانت تقر لقريش بالتقدم في كل شيء إلا في الشعر، فإنها كانت لا تقر لها به، حتى كان عمر بن أبي ربيعة، فأقرت له الشعراء بالشعر أيضًا ولم تنازعها٣. وقالوا: إن قريشًا كانت أقل العرب شعرًا في الجاهلية، فاضطرها ذلك أن تكون أكثر العرب انتحالا للشعر في الإسلام٤.

وروي عن "معاوية" أنه كان يقول: فضل المزنيون الشعراء في الجاهلية والإسلام. وكان يقول: أشعر أهل الجاهلية زهير بن أبي سلمى، وأشعر أهل الإسلام ابنه كعب، و "معن بن أوس". و "معن" شاعر مجيد من مخضرمي الجاهلية والإسلام٥.

فبعض العرب مخصبين في الشعر، وبعضهم أقل خصبًا، وقد رجع "الجاحظ" سبب ذلك إلى الموهبة والطبع، فكما أن النبوغ يتفاوت بين إنسان وإنسان، كذلك يتفاوت الشعر بين قبيلة وقبيلة، ورجع "ابن سلام" ذلك إلى عامل البداوة، والحضارة، فالأعراب متشاجرون مكثرون من الغارات بغزو بعضهم بعضًا، والشعر يكثر بالحروب التي تكون بين الأحياء، أما الحضر، فإنهم لا يميلون إلى الحروب والمعارك، ولذلك يقل شعرهم على رأيه. ولهذا السبب قل شعر قريش لأنه لم يكن بينهم نائرة ولم يحاربوا. فالحرب تهيج العواطف، وتحمل الناس على التحمس لها والدفاع عن أنفسهم وتكديس كل القوى للتغلب على العدو، والشعر من أهم وسائل تسعير نار الحرب.

وقد أشار أهل الأخبار إلى بيوت ذكروا أنها اشتهرت بقول الشعر، وبظهور المعرقين فيها. وضربوا أمثلة عليها ببيت "أبي سلمى". فقد كان شاعرًا واسمه ربيعة، وابنه زهير بن أبي سلمى، وله خؤولة في الشعر: خاله بشامة بن الغدير، وكان كعب وبجير ابنا زهير شاعرين، وجماعة من أبنائهما.


١ المزهر "١/ ١٦٠".
٢ بلوغ الأرب "٣/ ١٤٠".
٣ الأغاني "١/ ٣٥".
٤ طبقات الشعراء "١٠".
٥ الإصابة "٣/ ٤٧٥"، "رقم ٨٤٥٢".

<<  <  ج: ص:  >  >>