للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كانوا يعلقون أشعارهم بأركان البيت كما فعل أصحاب المعلقات السبع، وإنما كان يتوصل إلى تعليق الشعر بها من له قدرة على ذلك بقومه وعصبيته ومكانه في مضر١. وذكر أن "أول من علق شعره في الكعبة امرؤ القيس وبعده علقت الشعراء، وعدد من علق شعره سبعة. ثانيهم طرفة بن العبد. ثالثهم زهير بن أبي سلمى، رابعهم لبيد بن ربيعة، خامسهم عنترة، سادسهم الحارث بن حلزة، سابعهم عمرو بن كلثوم. هذا هو المشهور"٢. وروي عن "معاوية" قوله: "قصيدة عمرو بن كلثوم، وقصيدة الحارث بن حلزة من مفاخر العرب كانتا معلقتين بالكعبة دهرا"٣.

وعن "ابن الكلبي" أنه قال: "أول شعر علق في الجاهلية شعر امرئ القيس علق على ركن من أركان الكعبة أيام الموسم حتى نظر إليه، ثم أحْدِرَ فعلقت الشعراء ذلك بعده، وكان ذلك فخرًا للعرب في الجاهلية، وعدوا من علق شعره سبعة نفر، إلا أن عبد الملك طرح شعر أربعة منهم وأثبت مكانهم أربعة"٤.

ولا بد وأن يكون ظهور قصة التعليق قد حدث قبل أيام "ابن عبد ربه" المتوفى سنة "٣٢٨ هـ"، لورودها في "العقد الفريد"٥. و"ابن عبد ربه" من معاصري "أبي جعفر أحمد بن محمد" النحاس، المتوفى بعده بعشر سنوات، أي سنة "٣٣٨هـ"، الذي ذكر القصة أيضا، لكنه أنكر تعليق المعلقات، فعنده "أن حمادا هو الذي جمع السبع الطوال، ولم يثبت ما ذكره الناس من أنها كانت معلقة على الكعبة"٦. وذكر أنه قال في شرحه على المعلقات ما نصه: "واختلفوا في جمع القصائد السبع، وقيل إن العرب كانوا يجتمعون بعكاظ فيتناشدون الأشعار، فإذا استحسن الملك قصيدة قال: علقوا لنا هذه وأثبتوها في خزانتي"، وقال أبو جعفر: "وأما قول من قال إنها علقت بالكعبة فلا يعرفه أحد من الرواة"، "وهو يستند في رأيه هذا، إلى أن حمادا الراوية لما رأى زهد الناس في الشعر، جمع لهم هذه القصائد السبع، وقال هذه هي


١ مقدمة ابن خلدون "٥١١"، "١/ ٥٠٩".
٢ الخزانة "١/ ٦١".
٣ الخزانة "١/ ٥١٩"، "بولاق".
٤ الرافعي "٢/ ١٨٧".
٥ زيدان، تأريخ آداب اللغة العربية "١/ ١٠٦".
٦ ياقوت، إرشاد "٤/ ١٤٠".

<<  <  ج: ص:  >  >>