للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المشهورات! فسميت القصائد المشهورة"١.

وقد مشت أسطورة التعليق هذه بين الناس، حتى صارت رأيا اعتقد به كثير من المحدثين، إلى درجة أن منهم من صار يغضب ويثور إذا قرأ رأيا يخالف هذا الرأي، لاعتقاده أن في هذا الإنكار غضا وتعريفا بأخلد تراث من تراث العرب القديم، وأن فيه انتقاصا من قدر الأدب العربي التليد.

وقد تعرض المستشرقون منذ أيام "بوكوك" لموضوع المعلقات، وقد رأى كثير منهم أن قصة التعليق قصة مصطنعة وأن الموضوع مصنوع موضوع ويرى "نولدكه" أن اختلاف رواة الشعر في ضبط أبيات تلك المعلقات، دليل في حد ذاته على عدم صحة التعليق، إذ لو كانت تلك القصائد معلقة ومشهورة وكانت مكتوبة لما وقع علماء الشعر في هذا الاختلاف. ثم يرى سببا آخر يحمله على الشك في صحة ما يقال عن المعلقات. هو أن كل الذين كتبوا عن فتح مكة مثل الأزرقي وابن هشام والسهيلي وغيرهم وغيرهم، أشاروا إلى أن الرسول أمر بطمس الصور وكسر الأوثان والأصنام، ولم يشيروا أبدا إلى المعلقات، ولو كانت المعلقات موجودة كلا أو بعضا لما غض أهل الأخبار أنظارهم عنها، ولما سكتوا عن ذكرها، لأهميتها عند العرب.

ثم يرى "نولدكه" أن هذه القصائد لو كانت معلقة حقا، وكانت على الشهرة التي يذكرها أهل الأخبار لما أغفل أمرها في القرآن الكريم وفي كتب الحديث وفي كتب الأدب مثل كتاب الأغاني وأمثاله، ولأشير إليها، ولهذا يرى أن ما يروى عن المعلقات هو من القصص الذي نشأ عن التسمية وعن اختيارات حماد لها، فلما أشاعها بن الناس، أوجد الرواة لها قصة التعليق٣.

وقد استدل "نولدكه" من عبارة: "وقال المفضل: القول عندنا ما قاله


١ محمد هاشم عطية، الأدب العربي وتأريخه "١٢٤".
٢ theodor noldeke, beiktrage zur kenntntss der poeste der poeste der alten araber hannover, ١٨٨٤, s. xviii. f
راجع وصف دخول الرسول الكعبة، وأمره بطمس الصور وكسر الأصنام والأوثان، إرشاد الساري "٦/ ٣٩٣ وما بعدها".
٣ noldeke, beltrage, s. mvii, xx
بروكلمان، تأريخ الأدب العربي "١/ ٦٧".

<<  <  ج: ص:  >  >>