للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالسفج يجري فخنزير فبُرْقته ... حتى تتابع فيه الوتر والحبل١

ونجد في شعر الأعشى قصصا من قصص أهل الجاهلية، من ذلك ما رواه عن سد "مأرب" في قصيدته التي يقول فيها:

ففي ذلك للمؤتسي أسوة ... ومأرب قفّى عليه العرم

رخام بنته لهم حمير ... إذا جاءه ماؤهم لم يرم

فأروى الزروع وأعنابها ... على سعة ماؤهم لم يرم٢

وهي أبيات نظمت على طريقة ذلك الوقت في ذكر نكبات الماضي، وما حل بالقبائل والمدن والقرى من مصير سيئ، لاتخاذها درسا وعبرة للأحياء. وهي لذلك تكون ذات صبغة أدبية أخلاقية، لا يهتم فيها للتأريخ ولواقع الأحداث، وإنما للقص والتأثير في العواطف والقلوب.

ومنها قصيدته التي ذكر فيها من أهلكه الدهر من الجبابرة ومطلعها:

ألم تروا إرما وعادا ... أفناهم الليل والنهار

وقبلهم غالت المنايا ... طسما فلم ينجها الحذار

وحل بالحي من جديس ... يوم من الشر مستطار

وأهل جو أتت عليهم ... فأفسدت عيشهم فباروا

فصبحتهم من الدواهي ... نائحة عقبها الدمار

وقد روى أهل الأخبار قصص هؤلاء الأقوام الذين ذكرهم الأعشى في شعره، وقد رصعوها على عادتهم بالشعر، نسبوه إلى أبطال ذلك القصص٣.

وأشار "أبو العلاء" المعري إلى شعر نسب للأعشى أوله:

أمن قَتْلَةَ بالأنقا ... ء دار غير محلوله

كأن لم تصحب الحي ... بها بيضاء عطبوله


١ الصفة "١٣٧".
٢ ديوان الأعشى البيت "٦٧" وما بعده من القصيدة رقم ٤.
٣ الخزانة "١/ ٣٤٧ وما بعدها"، "بولاق".

<<  <  ج: ص:  >  >>