للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن شعره قوله:

وأرى الغواني لايواصلن امرأ ... فقد الشباب وقد يصلن الأمردا١

وهو شعر يظهر أنه قاله بعد أن عبث به الكبر، وفقد الشباب، فقاله على عادة الشعراء في ذمهم المرأة حين بلوغهم هذه المرحلة من العمر.

وروي أنه مر بأبي سفيان بن حرب فسأله عن وجهه الذي قدم منه فعرّفه، ثم سأله: أين يقصد؟ فقال: أريد محمدا. فقال: إنه يحرم عليك الزنا والخمر والقمار، فقال له: أما الزنا فقد تركني ولم أتركه، وأما الخمر فقد قضيت منه وطرا، وأما القمار فلعلي أن أصيب منه خلفا. قال: فهل لك إلى خير؟ قال: وما هو قال: بيننا وبينه هدنة فترجع عامك هذا وتأخذ مائة ناقة حمراء، فإن ظهر أتيته، وإن ظهرنا كنت قد أصبت عوضا من رحلتك.

قال: لا أبالي. فانطلق به أبو سفيان إلى منزله وجمع له أصحابه وقال: يا معشر قريش، هذا أعشى بني قيس بن ثعلبة، وقد عرفتم شعره، ولئن وصل إلى محمد ليضربن عليكم العرب بشعره، فجمعوا له مائة ناقة وانصرف، فلما كان بناحية اليمامة ألقاه بعيره فوقصه فمات٢.

ويذكر علماء الشعر، أن الأعشى كان قد هيأ قصيدة لينشدها أمام النبي، في صلح الحديبية، فلما صرفه "أبو سفيان" عن الذهاب إلى يثرب لم يقرأها. ومطلع القصيدة:

ألم تغتمض عيناك ليلة أمردا ... وبتَّ كما بات السليم مسهدا٣

وهي قصيدة نحلت عليه، ولا يمكن أن تكون من شعر هذا الشاعر الذي لم يتعود على التعمق في جزئيات أمور الدين، ثم إن القسم الخاص بمدح النبي من


١ أمالي المرتضى "١/ ٦١٢".
٢ السيوطي، شرح شواهد "١/ ٢٤٠"، الخزانة "١/ ٨٥"، رسالة الغفران "١٧٢ وما بعدها".
٣ السيوطي، شرح شواهد "٢/ ٥٧٦"، القطعة رقم ١٧ من ديوان الأعشى، الإكليل "٢/ ٢٥٩"، الخزانة "١/ ٨٥ وما بعدها"، الشعر والشعراء "١/ ١٧٨ ما بعدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>