للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من "العيال". قال "السليك":

فلا تصلي بصعلوك نَئوم ... إذا أمسى يعد من العيال

ولكن كل صعلوك ضروب ... بنصل السيف هامات الرجال١

"ولذلك كان صعاليك العرب ولصوصهم وأرباب الإغارة منهم يرون أن ما يحوونه من النعم بالغارة، وينالونه بالسرق والسلة، إنما ذلك مال منعت منه الحقوق، ودفع عنه بالبخل والعقوق، فأرسلهم الله إليه وسببه لهم رزقهم إياه، كما قال عروة الصعاليك:

لعل انطلاقي في البلاد وعزمتي ... وشدّي حيازيم المطية بالرحل

سيدفعني يوما إلى رب هجمة ... يدافع عنها بالعقوق وبالبخل٢

"وكما أن فيهم من يتمدح ببذل القرى ومعاناة الطوى، وتحمل الكلفة ومواساة ذوي الخلة، فكذلك فيهم البخيل الجامع، واللئيم الراضع، ومن يؤثر التفرد بناره والاستئثار بزاده دون ضيفه وجاره، وينشد لبعضهم:

أعددت للأضياف كلبا ضاريا ... عندي وفضل هراوة من أرزن

وقال الآخر:

وإني لأجفو الضيف من غير بغضة ... مخافة أن يغري بنا فيعود

وقال الأصمعي: مر ابن حمامة بالحطيئة، فقال: السلام عليك. قال: قلت ما لا ينكر. قال: إني أردت الظل. قال: دونك، والجبل حتى يفيء عليك. قال: إني خرجت من عند أهلي بغير زاد. قال ما ضمنت لأهلك قراك. قال: إني ابن حمامة. قال: كن ابن نعامة. فمضى عنه آيسا.

قال: وخرج الحطيئة يوما من خبائه وبيده عصا، فقال له رجل: ما هذه؟ قال: عجراء من سلم. قال: إني ضيف. قال: للضيف أعددتها"٣.


١ الشعراء الصعاليك "٢٣٥".
٢ الجمان في تشبيهات القرآن "٢٦٢ وما بعدها".
٣ الجمان في تشبيهات القرآن "٢٦٠ وما بعدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>