للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للنسب والدم من أثر في نفوسهم، وإن كفروا بعرف القبيلة وخرجوا على طاعتها. ونجد في شعر شعرائهم إشادة بأخوة "الصنف" و "الحرفة" تحل محل أخوة العشيرة والقبيلة، إذا مات أحدهم وقتل، حزنواعليه، وإن مرض عالجوه، وإن جاع قدموا له ما عندهم من طعام١.

وقد يستجير الخليع بمجير، فيقبل جواره، إلى حين أو بغير أجل محدد، أو على شروط، ففي حديث خروج "امرئ القيس" مطالبا بدم أبيه، أنه لجأ إلى "عامر بن جوين" أحد الخلعاء الفتاك، وعامر يومئذ خليع، تبرأ قومه من جرائره وتنصل أهله منه٢، وفي حديث "البراض بن قيس" الكناني وكان خليعا فاتكا سكيرا، لا ينزل بقوم، إلا عمل منكرا فيهم، أنه لجأ إلى بني "الديل"، فشرب وجرّ جريرة، استوجبت خلعه فخلعوه، فأتى مكة، فنزل على حرب بن أمية، فحالفه وأحسن جواره، ثم شرب بمكة وأساء على عادته، حتى هم حرب أن يخلعه٣، وفي حديث "أبي الطمحان" القيني، وكان خليعا فاسقا، متهتكا، لايعرف خلقا ولا أدبا، أنه نزل بمكة في جوار "الزبير بن عبد المطلب"، "وكان ينزل عليه الخلعاء"٤، ونزل "مطرود بن كعب" الخزاعي، في جوار "عبد المطلب"، فحماه وأحسن إليه، وكان قد لجأ إليه لجناية كانت منه٥. ووجد "قيس الحدادية" من يؤويه، مع أنه كان صعلوكا خليعا، عجز هو وأهله عن دفع دية قتيل قتلوه، فخلعته قبيلته خزاعة، فنزل عند بطن من خزاعة، يقال لهم: "عدي بن عمرو بن خالد"، فأحسنوا إليه، كما نزل في بجيلة على "أسد بن كرز" فأحسن إليه والى قومه٦.

ولا ينسى بعض الصعاليك ذكر من أحسن إليهم فأكرمهم ورعاهم وحماهم. هذا "أبو الطمحان" القيني، يثني على من آووه وساعدوه حتى صيروه واحدا


١ الشعراء الصعاليك "٢٠٣ وما بعدها".
٢ الأغاني "٩/ ٩٥"، الخزانة "١/ ٢٤".
٣ الأغاني "١٩/ ٧٥".
٤ الشعر والشعراء "١/ ٣٠٤"، الإصابة "١/ ٣٨١"، "رقم ٢٠١١"، الأغاني "١١/ ١٢٥".
٥ المرزباني، معجم "٢٨٢".
٦ الأغاني "١٣/ ٢ وما بعدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>