للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفعلوا فعل الأسد، أو غزوا على أرجلهم وحدهم بلا وال عليهم١. وهذا المعنى هو أقرب المعاني وأقرب إلى الصحة في تفسير "رآبيل العرب". فهم الصعاليك الذين نبحث عنهم.

ويظهر أن أباه مات وهو صغير، وأن أمه التي كانت أمة سوداء على أغلب الروايات، أو أمة حرة في رواية، تزوجت الشاعر "أبا كبير" الهذلي، وهو من الصعاليك، من صعاليك هذيل، وأن أبناء قبيلته كانوا يعيرونه بسواده، مما ترك أثرا في نفسه، فتصعلك، وأخذ يرافق الصعالكة، ومنهم صعلوك شهير آخر، هو "الشنفرى" الذي رافقه في كثير من غزواته. وقد نعت "تأبط شرا" بأنه كان شاعرا بئيسا، يغزو على رجليه٢.

ومما يروى من قصصه أنه كان يشتار عسلا من جبل ليس له غير طريق واحد، فأخذت لحيان عليه ذلك الموضع، وخيروه النزول على حكمهم أو إلقاء نفسه من الموضع الذي ظنوا أنه لا يسلم، فصب العسل الذي معه على الصفا وشد صدره على الزق ثم لصق على العسل، فلم يبرح ينزلق عليه حتى نزل سالما، فنظم في ذلك قصيدة مطلعها:

إذا المرء لم يحتل وقد جد جده ... أضاع وقاسى أمره وهو مدبر٣

ولعلماء الشعر قصص في تفسير تسمية هذا الشاعر بـ "تأبط شرا"، فزعم بعض منهم أنه "إنما سمي تأبط شرا لأنه أخذا سيفا وخرج، فقيل لأمه أين هو؟ قالت: لا أدري، تأبط شرا وخرج. وقيل أخذ سكينا تحت إبطه وخرج إلى نادي قومه فوجأ بعضهم، فقيل تأبط شرا. وزعم بعض آخر أن أم تأبط شرا قالت له يوما: إن الغلمان يجنون لأهلهم الكمأة فهلا فعلت كفعلهم، فأخذ جرابه ومضى فملأه أفاعي وأتى متأبطا به، فألقاه بين يديها فخرجت الأفاعي منه


١ تاج العروس "٧/ ٣٣٣"، "ربل"، الاشتقاق "١٦٢ ما بعدها"، اللآلئ "١٥٨ وما بعدها"، التيجان "٢٤٢ وما بعدها"، أسماء المغتالين "٢١٥".
٢ الشعر والشعراء "١/ ٢٢٩"، "دار الثقافة"، الأغاني "١٨/ ٢١٥ وما بعدها"، BAUR. IN ZDMG, X, ٧, ١٧, FF
٣ السيوطي، شرح شواهد "٢/ ٩٧٥"، الأغاني "١٨/ ٢١٥"، شرح ديوان الحماسة "١/ ٣٨"، المحبر ١٩٧ وما بعدها"، الخزانة "٣/ ٣٥٧".

<<  <  ج: ص:  >  >>