للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تسعى فولت هاربة. فقال لها نساء الحي: ما الذي كان ابنك متأبطا له؟ فقالت: تأبط شرا! وقيل: إنه رأى كبشا في الصحراء فاحتمله تحت أبطه، فجعل يبول عليه طول طريقه، فلما قرب من الحي ثقل عليه الكبش، فرمى به، فإذا هو الغول. فقال له قومه: ما كنت متأبطا يا ثابت؟ قال: الغول. قالوا: لقد تأبطت شرا، فسمي بذلك. وإنه قال في ذلك:

تأبط شرا ثم راح أو اغتدى ... يوائم غنما أو يشيف على ذحل

وقيل سمّي بهذا البيت. قال رجل لتأبط شرا: "بم تغلب الرجال وأنت دميم ضئيل؟ قال: باسمي، إنما أقول ساعة ما ألقى الرجل: أنا تأبط شرا، فينخلع قلبه حتى أنال منه ما أردت"١. وقيل إنما سمي "تأبط شرا"، لأن أمه رأته وقد تأبط جفير سهام وأخذ قوسا، فقالت له: هذا تأبط شرا، أو تأبط سكينا فأتى ناديهم فوجأ بعضهم، فسمي به لذلك، وكان لا يفارقه سيفه. قتلته هذيل في رواية، وقالت أخته ترثيه:

نعم الفتى غادرتم برخمان ... بثابت بن جابر بن سنان

وكانت تسمى "ريطة". وذكر أن أمه هي التي رثته. وقد ذكر في أشعار هذيل٢.

وكان سبب قتله، أنه خرج غازيا في نفر من قومه، إذ عرض لهم بيت من هذيل، بين صدى جبل، فأراد مهاجمته، فمنعه من كان معه من مباغتته، لخروج ضبع اعتافوا منه، فلم يبال بتشاؤمهم، فلما قارب البيت رآه غلام، فهرب إلى الجبل، فهجم تأبط شرا مع جماعته على البيت، فقتلوا شيخا وعجوزا،


١ الأغاني "٢١/ ١٤٦"، شرح حماسة أبي تمام "١/ ٥٧"، السيوطي، شرح شواهد "١/ ٥٢".
٢ تاج العروس "٥/ ١٠٠"، "أبط" قال مليح الهذلي:
ونحن قتلنا مقبلا غير مدبر ... تأبط ما ترهق بنا الحرب ترهق
اللسان "٧/ ٢٥٤"، "أبط".
ويل أم طرف قتلوا برخمان ... بثامت بن جابر بن سنان
الشعر والشعراء "١/ ٢٢٩"، "دار الثقافة"، الأغاني "١٨/ ٢٠٩"، "بولاق"، المغتالين "٢١٥"، الخزانة "١/ ٦٦".

<<  <  ج: ص:  >  >>