للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحاز جاريتين وإبلا، ثم أبصر تأبط شرا بالغلام، فاتبعه فرماه الغلام بسهم أصاب قلبه، وحمل على الغلام فقتله، ثم مات هو من السهم، وترك جثة، فاحتملته هذيل، وطرحته في غار يقال له غار "رخمان". فرثته أخته "ريطة" بقولها:

نعم الفتى غادرتم برخمان ... ثابت بن جابر بن سفيان

قد يقتل القِرن ويَروي الندمان١

وفي بيت شعر ينسب إلى تأبط شرا، هو:

ولست أبيت الدهر إلا على فتى ... أسلبه أو أذعر السرب أجمعا٢

معنى يفيد أنه كان يغير على القادم والآيب، يسلبه ويأخذ ما عنده، لا يبالي بشيء إلا بحصوله على غنيمة السلب، وهو إن قابل قافلة، فلم يتمكن منها، يكون قد رضي من فعله بما ألقاه من رعب وذعر في قلوب أصحابها، ويكون قد اشتفى بذلك منها. فهو رجل منتقم، يريد أن يفرج عما ولد في قلبه من غل، بأية طريقة كانت، غل، ولد فيه، من سواد لونه، ومن ازدراء قومه له، ومن فقره وسوء حاله في هذه الحياة، وذلك فيما لو صح أن هذا الشعر هو من قوله.

ونسب قوم من الرواة إلى "تأبط شرا" قصيدة مطلعها:

ولقد سريتُ على الظلام بمغشم ... جلد من التفيان غير مهبل

وهي قصيدة نسبها غيرهم إلى "أبي كبير" الهذلي، ووضعوا حولها قصة في شرح السبب الذي حمل "أبا كبير" أو "تأبط شرا" على نظمها٣.

قال "الجاحظ" في كتابه "الحيوان ": "وقال تأبط شرا -إن كان قالها-:


١ أسماء المغتالين "٢١٥ وما بعدها".
٢ الأغاني "١٨/ ٢١٧".
٣ الشعر والشعراء "٢/ ٥٦٢ وما بعدها"، "الثقافة".

<<  <  ج: ص:  >  >>