للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما "السليك بن السلكة"، فهو من تميم. وأمه أمة سوداء، وكان يغير على القبائل، ولا سيما القبائل اليمانية وقبائل ربيعة. وكان من العارفين باقتفاء الأثر ومن العالمين بالمسالك وبالطرق وبالأرض. يذكرون أنه كان إذا جاء الشتاء استودع بيض النعام ماء السماء ثم دفنه، فإذا كان الصيف، وأغار واحتاج إلى الماء، جاء إلى مواضع البيض، فاستخرج البيض منها وشرب ما فيه من ماء١.

وقد نسب "سليك" على هذا النحو: سليك بن يثربي بن سنان بن عمير بن الحرث، وهو مقاعس بن عمرو بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم بن سلكة، وهي أمه. ولذا قيل: "ابن السلكة" وقيل اسم والده: "عمرو بن يثربي"، ويقال "عمير"، وهو شاعر لص فتاك عدّاء. يقال: أعدى من سليك ويقال له: "سليك المقانب". قال قران الأسدي، وقيل أنس بن مدرك:

لَخُطّاب ليلى يالَ برثن منكم ... على الهول أمضى من سليك المقانب٢

وقال أهل الأخبار عنه، إنه أحد أغربة العرب وهجنائهم وصعاليكهم ورجيلاتهم، وكان له بأس ونجدة. وكان أدل الناس بالأرض وأجودهم عدوا على رجليه، وكان لا تعلق به الخيل. وتذكر قصة أنه خرج رجاء أن يصيب غرة من بعض من يمر عليه، فيذهب بإبله، وبينما هو نائم، وإذا برجل يجثم عليه، ويقول له: أستأسر، فتمكن منه السليك، ووجده صعلوكا فقيرا جاء مثله لعله يصيب شيئا، فاتفق معه على أن يغزوَا معا، فلما سارا وجدا رجلا صعلوكا انضم إليهما، واتفقوا على الغزو، ولما كانوا في جوف "مراد"، وجدوا نعما، فطلب "سليك" من رفيقيه الانتظار والتربص ريثما يذهب إلى الرعاء فيلهيهما، ثم يغيرا على النعم. فلما وصل إلى الرعاء، تودد إليهم، ثم قال لهم: ألا أغنيكم؟ قالوا: بلى، فأخذ يغني:


١ زيدان، تأريخ آداب "١/ ١٦٣"، الأغاني "٨/ ١٣٣"، الشعر والشعراء "٢١٣".
٢ اللسان "١٠/ ٤٤٣"، "سلك"، تاج العروس "٧/ ١٤٤"، "سلك"، "السليك بن سنان بن سلكة"، تحفة الأبيه فيمن نسب إلى غير أبيه "١٠٥ وما بعدها"، "نوادر المخطوطات، المجموعة الأولى".

<<  <  ج: ص:  >  >>