للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كن كالسموأل إذ طاف الهمام به ... في جحفل كسواد الليل جرار

بالأبلق الفرد من تيماء منزله ... حصن حصين وجار غير غدار١

وقد وصف فيها السموأل وحصنه، وقصة وفائه، وما كان قد جرى من حوار بينه وبين الملك الغساني المطالب بأدرع الكندي، وترى من قراءتك لها أن النظم نمط غير مألوف في شعر غيره من الشعراء، الأبيات فيهما مكملة لما قبلها متصلة بعضها ببعض، بحيث لا يمكن أن تفصل بينها، وإلا اختل المعنى، وظهر فراغ فيه. وهو شيء غير مألوف عند غيره. فالبيت على حد قول علماء الشعر شعر مستقل قائم بنفسه، لا يؤثر حذفه أو تقديمه أو تأخيره على المعنى ولا على ارتباط الأبيات بعضها ببعض، أما في هذه القصيدة فكل بيت فيها تابع لسابقه، متصل معناه بمعناه، لأنه جزء منه، فلا يمكن حذف شيء من القصيدة دون أن يؤثر في معناها.

ونجد في شعره قصصا عن سد مأرب، وعن تهدمه وإغراقه من كان يسكن عنده بالماء، ذكر ذلك ليكون عبرة وأسوة للمؤتسي، وهو قصص بني على حادث تهدم ذلك السد٢.

وفي شعر الأعشى قصص إرم وعاد وطسم وجديس، وأهل جوّ، ووبار٣. وهو قصص رصعه الأخباريون بشعر نسبوه إلى "هزيلة" امرأة من "جديس"، وإلى "عميرة بنت غفار الجديسية"، في قصص عن الملوك القدماء، وكيف أنهم كانوا يدخلون على العذارى قبل إدخالهم على أزواجهم، في قصص ينسب إلى ملوك آخرين، مثل ملوك اليمن٤. وهو قصص نجد له مشابه عند الأمم الأخرى.

ومن شعراء "غسان": "الشيظم بن الحارث" الغساني، وهو من الأسرة الحاكمة، كان قد قتل رجلا من قومه، وكان المقتول ذا أُسرة، فخافهم


١ الزمخشري، المستقصى في أمثال العرب "١/ ٤٣٦".
٢ راجع البيت "٦٧ فما بعده" من القصيدة رقم "٤"، وديوانه "ص٤٣".
٣ الخزانة "٢/ ٢٧٠ وما بعدها"، "هارون".
٤ الخزانة "٢/ ٢٧١ وما بعدها"، "هارون".

<<  <  ج: ص:  >  >>