للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أهل المدينة أن قدامة بن موسى بن عمر بن قدامة بن مظعون الجمحي قالها ونحلها أبا سفيان. وقريش تزيد في أشعارها تريد بذلك الأنصار والرد على حسان"١.

وهناك أخبار أخرى في هذا المعنى تفيد نحل الشعر وضمه إلى شعراء مكة، لتتباهى به على يثرب.

ولا نجد بين الشعراء البارزين من أصحاب المعلقات شاعرا واحدا هو من قريش. كذلك لا نجد من بين شعراء الطبقات المتقدمة من فحول الشعراء الذين قدمهم علماء الشعر على غيرهم شاعرا هو من أهل مكة. وهذا هو تفسير قول أهل الأخبار المتقدم، الدال على تأخر قريش بالنسبة إلى باقي العرب في قول الشعر، أما لو أخذنا قولهم المذكور، وصرفناه على أهل القرى، فإننا نجد مكة متقدمة فيه، لأنها أنجبت عددا لا بأس به من الشعراء بالقياس إلى الطائف، التي اشتهرت بشعر شاعرها "أمية بن أبي الصلت"، ولكنها لا تداني مكة في عدد من ظهر بها من الشعراء، وبالقياس إلى "نجران" وإلى قرى اليمامة. أما بالنسبة إلى يثرب، فقد برز بيثرب شعراء، هم أكثر عددا وشهرة من شعراء مكة.

وقد وصف "ابن سلام" شعر قريش بقوله: "وأشعار قريش أشعار فيها لينٌ يشكل بعض الإشكال"٢. وذلك حين تحدث عن شعر "أبي طالب" وعن شعر "الزبير بن عبد المطلب"، وعما وضع الناس من شعر عليهما.

ويذكر أهل الأخبار، أن قريشا كانت في الجاهلية دون غيرها من العرب، تعاقب شعراءها إذا هجا بعضهم بعضا، كما كانت ترمي من يروي المثالب ويقع في أعراض الناس بالحمق، فتسقط منزلته بين الناس، ولهذا قل فيها شعر الهجاء٣. ويذكرون أن أهل مكة لما أصبحوا يوما وعلي باب الندوة مكتوب:

ألهى قُصيا عن المجد الأساطير ... ورشوة مثل ما ترشي السفاسير

وأكلها اللحم بحثا لا خليط له ... وقولها رحلت عير أتت عير

أنكر الناس ذلك، وقالوا ما قالها إلا "ابن الزبعرى" وأجمع على ذلك


١ ابن سلام، طبقات "٦٢".
٢ ابن سلام، طبقات "٦٠ وما بعدها".
٣ الرافعي، تأريخ آداب العرب "١/ ٤١٣".

<<  <  ج: ص:  >  >>