للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رأيهم، فمشوا إلى "بني سهم"، وكان مما تنكر قريش وتعاقب عليه أن يهجو بعضها بعضا، فقالوا لبني سهم: ادفعوا إلينا نحكم فيه بحكمنا. قالوا: وما الحكم فيه؟ قالوا قطع لسانه، قالوا: فشأنكم. واعلموا والله أنه لا يهجونا رجل منكم إلا فعلنا به مثل ذلك. وكان "الزبير بن عبد المطلب" يومئذ غائبا نحو اليمن، فخاف بنو قصي أن يقول شيئا من هجاء، فيؤتى إليه مثل ما أتى إلى ابن الزبعرى، وكانوا أهل تناصف، فأجمعوا على تخليته فخلوه١.

وقد أحصى "جرجي زيدان" عدد الشعراء الجاهليين بنحو من "١٢٠" شاعرا على اختلاف القبائل والبطون. وقد وجد أن عشرة شعراء منهم هم من قريش٢. معظمهم إن لم نقل كلهم كان ممن عاش عند ظهور الإسلام، وقد اشتهر بالشعر وعرف به لموقفه المعادي من الإسلام، ولاضطراره إلى مهاجاة النبي والمسلمين دفاعا عن عقيدته، ولهذا كان معظم شعره في هجاء المسلمين، وفي الرد عليهم وفي الفخر بقومه وتعديد مآثرهم ومناقبهم والدفاع عنهم.

قال "ابن سلام: "وبمكة شعراء، فأبرعهم شعرا عبد الله بن الزبعرى بن قيس بن عدي بن ربيعة بن سعد بن سهم، وأبو طالب بن عبد المطلب، شاعر، وأبو سفيان بن الحارث، شاعر، ومسافر بن أبي عمرو بن أمية، شاعر، وضرار بن الخطاب، شاعر، وأبو عزة الجمحي، شاعر، واسمه عمر بن عبد الله، وعبد الله بن حذافة السهمي الممزق، وهبيرة بن أبي وهب بن عامر بن عائذ بن عمران بن مخزوم"٣.

ونجد في كتب السيرة والأخبار شعرا لعبد المطلب، من جملته قوله:

لا هم إن العبد يمـ ... ـنع رحله فامنع حلالك

لا يغلبن صليبهم ... ومحالهم غدوا محالك

إن كنت تاركهم وقبـ ... ـلتنا فأمرٌ ما بدا لك٤


١ ابن سلام، طبقات "٥٧ وما بعدها".
٢ تأريخ آداب اللغة العربية "١/ ٢٧٥ وما بعدها"، "شعراء العصر الأموي".
٣ طبقات "٥٧".
٤ ابن هشام، سيرة "١/ ٤٤ وما بعدها"، "حاشية على الروض"، الحيوان "٧/ ١٩٨ وما بعدها"، ويختلف النص في الموارد.

<<  <  ج: ص:  >  >>