للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأمر له بحلة١. وكان يهاجي "حسان بن ثابت" و "كعب بن مالك". وذكر أنه "كان من أشد الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى أصحابه بلسانه ونفسه. وكان من أشعر الناس وأبلغهم. يقولون إنه أشعر قريش قاطبة. قال محمد بن سلام: بمكة شعراء فأبرعهم شعرا عبد الله بن الزبعرى، قال الزبير: "كذلك يقول رواة قريش إنه كان أشعرهم في الجاهلية. وأما ما سقط إلينا من شعره وشعر ضرار بن الخطاب، فضرار عندي أشعر منه، وأقل سقطا"٢.

كان "ابن الزبعرى" من المؤذين للرسول، قام يوما فأخذ فرثا ودما فلطخ به وجه النبي، فانفتل النبي من صلاته، ثم أتى "أبا طالب" عمه فقال: يا عم ألا ترى إلى مافعل بي؟ فأخذ "أبو طالب" فرثا ودما فلطخ به وجوه القوم الذين كان "ابن الزبعرى" بينهم. وبقي على عداوته هذه للرسول وفي هجائه له وللمسلمين إلى عام الفتح، فأسلم٣.

وقد أشرت إلى ما ذكره "ابن سلام" من أمر البيتين اللذين وجدا مكتوبين على باب الندوة، وهما:

ألهى قصيا عن المجد الأساطير ... ورشوة مثل ما ترشى السفاسير

وأكلها اللحم بحتا لا خليط له ... وقولها رحلت عير أتت عير

وما كان من إجماع أهل مكة على أنها من قول "ابن الزعبرى" ليس غير. وذلك مما أهاج أولاد قصي خاصة، فمشوا إلى "بني سهم" رهط "ابن الزعبرى" طالبين منهم تسليمه لهم ليحكموا فيه حكمهم٤.

وفي البيتين، هجاء مر لقصي ولآل قصي، الذين ألهتهم الأساطير عن المجد، وكانوا يرشون ويرتشون مثل ما ترشى السفاسير، وهم السماسرة، أولئك الذين يأكلون اللحم، ولا يعرفون إلا كلام: رحلت عير، أتت عير، كلام التجار. فلا يفهمون قولا غير هذا القول.


١ الإصابة "٢/ ٣٠٠"، "رقم ٤٦٧٩".
٢ الاستيعاب "٢/ ٣٠٠ وما بعدها"، "حاشية على الإصابة"، كتاب نسب قريش "٢٥١، ٣٠٠، ٣٨٦، ٤٠٢، ٤٠٨ وما بعدها".
٣ تفسير القرطبي "٦/ ٤٠٦ وما بعدها".
٤ طبقات "٥٨".

<<  <  ج: ص:  >  >>